حكم الميت. ألا ترى أن رجلا لو قطع حشوة آدمي، ثم ضرب عنقه آخر، فالأول هو القاتل، لأن الحياة لا تبقى مع الفعل الأول. وفي ما يجب قطعه في الذكاة روايتان:
إحداهما: أنه الحلقوم والمرئ، فإن نقص من ذلك شيئا، لم يؤكل، هذا ظاهر كلام أحمد في رواية عبد الله.
والثاني: يجزئ قطع الحلقوم والمرئ، وهو ظاهر كلامه في رواية حنبل، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يجزئ قطع الحلقوم والمرئ وأحد الودجين. وقال مالك: يجزئ قطع الأوداج، وإن لم يقطع الحلقوم. وقال الزجاج: الحلقوم بعد الفم، وهو موضع النفس، وفيه شعب تتشعب منه في الرئة. والمرئ: مجرى الطعام، والودجان: عرقان يقطعهما الذابح.
فأما الآلة التي تجوز بها الذكاة، فهي كل ما أنهر الدم، وفرى الأوداج سوى السن والظفر، سواء كانا منزوعين، أو غير منزوعين. وأجاز أبو حنيفة الذكاة بالمنزوعين. فأما البعير إذا توحش، أو تردى في بئر، فهو بمنزلة الصيد ذكاته عقره. وقال مالك: ذكاته ذكاة المقدور عليه. فإن رمى صيدا، فأبان بعضه، وفيه حياة مستقرة، فذكاه، أو تركه حتى مات جاز أكله، وفي أكل ما بان منه روايتان.
قوله تعالى: (وما ذبح على النصب) في النصب قولان:
أحدهما: أنها أصنام تنصب، فتعبد من دون الله، قاله ابن عباس، والفراء، والزجاج، فعلى هذا القول يكون المعنى، وما ذبح على اسم النصب، وقيل لأجلها، فتكون " على " بمعنى " اللام "، وهما يتعاقبان في الكلام، كقوله تعالى: (فسلام لك) أي: عليك، وقوله تعالى: (وإن أسأتم فلها).
والثاني: أنها حجارة كانوا يذبحون عليها، ويشرحون اللحم عليها ويعظمونها، وهو قول ابن جريج. وقرأ الحسن، وخارجة عن أبي عمرو: على النصب، بفتح النون، وسكون الصاد، قال ابن قتيبة، يقال: نصب ونصب ونصب، وجمعه أنصاب.