الزمانين، حد الماضي من آخره، وحد المستقبل من أوله، ومعنى (جئت بالحق) بنيت لنا.
قوله [تعالى]: (وما كادوا يفعلون) فيه قولان:
أحدهما: لغلاء ثمنها، قاله ابن كعب القرظي.
والثاني: لخوف الفضيحة على أنفسهم في معرفة القاتل منهم، قاله وهب. قال ابن عباس:
مكثوا يطلبون البقرة أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل، فأبى أن يبيعها الا بملء ء مسكها ذهبا، وهذا قول مجاهد، وعكرمة، وعبيدة، ووهب، وابن زيد، والكلبي، ومقاتل في مقدار الثمن. فأما السبب الذي لأجله غلا ثمنها، فيحتمل وجهين:
أحدهما: أنهم شددوا فشدد عليهم والثاني: لإكرام الله عز وجل صاحبها، فإن كان برا بوالديه. فذكر بعض المفسرين أنه كان شاب من بني إسرائيل برا بأبيه، فجاء رجل يطلب سلعة هي عنده، فانطلق ليبيعه إياها، فإذا مفاتيح حانوته مع أبيه، [وأبوه نائم، فلم يوقظه ورد المشتري فأضعف له المشتري المثمن، فرجع إلى أبيه] فوجده نائما، فعاد إلى المشتري فرده، فأضعف له الثمن، فلم يزل ذلك دأبهما حتى ذهب المشتري فأثابه الله على بره بأبيه أن نتجت له بقرة من بقرة، تلك البقرة.
وروي عن وهب بن منبه في حديث طويل: أن فتى كان برا بوالديه، وكان يحتطب على ظهره، فإذا باعه تصدق بثلثه، وأعطى أمه ثلثه، وأبقى لنفسه ثلثه، فقالت له أمه يوما: إني ورثت من أبيك بقرة، فتركتها في البقر على اسم الله، فإذا أتيت البقر، فادعها باسم إله إبراهيم، فذهب فصاح بها، فأقبلت، فأنطقها الله، فقالت: اركبني يا فتى، فقال لم تأمرني أمي بهذا. فقالت: أيها البر بأمه، لو ركبتني لم تقدر علي، فانطلق، فلوا أمرت الجبل أن ينقلع من أصله لانقلع ببرك لأمك.
فلما جاء بها قالت أمه: بعها بثلاثة دنانير على رضى مني، فبعث الله ملكا فقال: بكم هذه؟ قال:
بثلاثة دنانير على رضى من أمي. قال: لك ستة ولا تستأمرها، فأبى، وعاد إلى أمه فأخبرها، فقالت: بعها بستة على رضى مني، فجاء الملك فقال: خذ اثني عشر ولا تستأمرها، فأبي، وعاد إلى أمه فأخبرها، فقالت:، يا بني، ذاك ملك، فقل له: بكم تأمرني أن أبيعها؟ فجاء إليه فقال له