والكسائي (أرنا) بكسر الراء في جميع ذلك. وقرأ أبو بكر عن عاصم وابن عامر كذلك، إلا أنهما أسكنا الراء من (أرنا اللذين) وحدها. قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: (أرنا) وكثير من العرب يجزم الراء، فيقول، (أرنا مناسكنا) وقرأ بها بعض الثقات. وأنشد بعضهم:
قالت سليمى اشتر لنا دقيقا * واشتر فعجل خادما لبيقا وأنشدني الكسائي:
ومن يتق فإن الله معه * ورزق الله مؤتاب وغادي قال قتادة: أراهما الله مناسكهما: الموقف بعرفات، والإفاضة من جمع، ورمي الجمار، والطواف، والسعي. وقال أبو مجلز: لما فرغ إبراهيم من البيت أتاه جبريل، فأراه الطواف، ثم أتى به جمرة العقبة، فعرض له الشيطان، فأخذ جبريل سبع حصيات، وأعطى إبراهيم سبعا، وقال له:
ارم وكبر، فرميا وكبرا مع كل رمية حتى غاب الشيطان. ثم أتى به جمرة الوسطى، فعرض لهما الشيطان، فأخذ حتى جبريل سبع حصيات وأعطى إبراهيم سبع حصيات، فقال له: ارم وكبر، فرميا وكبرا مع كل رمية حتى غاب الشيطان. ثم أتى به الجمرة القصوى، فعرض لهما الشيطان، فأخذ جبريل سبع حصيات، وأعطى إبراهيم سبع حصيات. فقال له: ارم وكبر، فرميا وكبرا مع كل رمية حتى غاب الشيطان، ثم أتى به منى، فقال: هاهنا يحلق الناس رؤوسهم، ثم أتى به جمعا، فقال:
هاهنا يجمع الناس، ثم أتى به عرفة، فقال: أعرفت؟ قال: نعم. قال: فمن ثم سميت عرفات.
قوله [تعالى]: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم) في الهاء والميم من (فيهم) قولان:
أحدهما: أنها تعود على الذرية، قاله مقاتل والفراء.
والثاني: على أهل مكة في قوله: (وارزق أهله) والمراد بالرسول: محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقد روى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قيل: يا رسول الله! ما كان بدء أمرك؟ قال: " دعوة أبي إبراهيم، وبشري عيسى، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام " والكتاب: القرآن. والحكمة:
السنة، قاله ابن عباس. وروي عنه: الحكمة: الفقه والحلال والحرام، ومواعظ القرآن. وسميت الحكمة حكمة، لأنها تمنع من الجهل.
وفي قوله [تعالى]: (ويزكيهم) ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: يأخذ الزكاة منهم فيطهرهم بها، قاله ابن عباس والفراء.
والثاني: يطهرهم من الشرك والكفر، قاله مقاتل.