وأما بحسب التصديق فالخلود مستند إلى نفس القرآن المدعى له، وحيث هو يكون كتابا صادقا، ولا يعقل كذبه، فالخلود قطعي ومحرز باعتراف الكتاب العزيز والقرآن العظيم.
وفي تحدي القرآن ما يدل على خلوده، وعدم تمكن الجن والبشر من الإتيان بمثله * (ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) * (1).
ثم إن الإعجاز والمعجزة كما تثبت بالتواتر، تثبت بالوجدان، وإذا كان يثبت إعجاز المسيح والكليم بالمعجزات غير الباقية وجودا، ولكنها ثابتة تواترا - مثلا - كذلك يثبت بعض المعجزات النبوية.
وأما القرآن فيثبت إعجازه بالوجدان، لبقائه وجودا في الأعصار والأمصار، ولعل انتهاء المعجزات الإلهية إلى إعجاز الأمر الباقي لأجل أن النبوة والوحي قد انقطعا، ولا شئ وراء نبوة الإسلام ورسالة القرآن.
وقد مر وجه الخاتمية وسر الخاتمية وأصولها الفلسفية وأسسها العلمية، وأن مسألة الخاتمية ليست مسألة مستندة إلى الفاعل الإلهي، المانع عن ظهور الأنبياء والرسل بعد ذلك، حتى يقال: بأن الفيض لا يمنع من قبل الفياض على الإطلاق، ولا سيما بعد مشاهدة الحاجة إلى الأنبياء في جميع الأعصار والأمصار ألفا ألفا ومليونا مليونا لأن في ترك إرسال الرسل وإنزال الكتب، ظلما على العباد وإخلالا في البلاد. بل هي مستندة إلى قصور الشرائط اللازم اجتماعها، وإلى نقض العلل الإعدادية اللازمة لظهور النبي والرسول، ولنزول الكتاب والرسالة، فلا تكن من الخالطين والغافلين.