المناقضة للمعتقدين بالقرآن غير قابل للتصديق، لأن الدفاع عن أصول العقائد حق كل ملة ونحلة، وتكذيب المناقضة خاصة كل ذي صلاحية ونظر، ولكن الأنظار في هذه الساحة وهذا الميدان مشوبة مضطربة، غير خالية عن التأثيرات العصبية والقومية والدينية، كما أن توجيه المكاذبة والمناقضة من المعاندين أيضا دأب كل إنسان معاند، وأنه ولو كانت عين الرضا متهمة ولكن عين السخط لا تخلو عنها إن لم تكن أولى، ولذلك لا يمكن حل هذه المشاكل.
نعم لو كان في القرآن اختلاف أدركه المسلمون، لكان ذلك موجبا للضجة العامة بين الملل الإسلامية حتى يلتزموا بالزيادة فيه، فمنه يعلم أن المناقضات نظرية ليست واضحة. ولكن المنافرات في الأحكام فهي محمولة على النسخ، وهذا فرار من التكاذب، إلا أنه كان متعارفا يحمل في القوانين البشرية على قصور التقنين أحيانا وفي الكتاب الحكيم على حدود الاقتضاءات.
ولكن الشأن في إنكار بعض المسلمين - والشيعة - وجود النسخ في القرآن كلا مدعيا: أن في الآيات خصوصية، وليست هي منسوخة مطلقا، والتفصيل في محل آخر. ومن المحتمل أن يكون قوله تعالى: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * (1) مشعرا ببعض الاختلاف الذي لا يتمكن البشر العادي من حله، ولكن الغيب يمنع ويصرف الأذهان العادية عن إدراك ذلك الاختلاف.