بالأيمان والأقسام في السور الأخيرة المكية، كسورة المرسلات والعاديات والنازعات، وفي هذه اليمينيات أسرار إلهية ومسائل فلسفية بلغت غايتها في عبارات رائقة مختلفة المراتب، حسب اختلاف رتب عقول البشر وأفكار القارئين.
وفي موقف وجود الوسائط بين الواحد الأول البسيط والمادة التي مثار الكثرة ينادي - مثلا - بقوله: * (أحسن الخالقين) * (1).
وفي موقف مسألة العلم ونفوذه بقوله: * (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) * (2)، وقد أدى البرهان وبلغ إلى ميقات الفرقان في أن علمه تعالى بكل شئ، ليس على سبيل العلوم الكلية المتعلقة بالمفاهيم العامة.
وفي موقف نفوذ قدرته وسريان سلطنته، وفي مسألة الجبر والاختيار جاء بالآيات الكثيرة التي تشتمل على اختلاف النسب، فتارة ينسب فعلا واحدا إليه تعالى، فيقول: * (الله نزل أحسن الحديث) * (3)، وأخرى يقول: * (نزل به الروح الأمين على قلبك) * (4)، وفي سورة الواقعة آيات ثلاثة بالغة إلى غاية اضمحلال فعل العبد في فعله، فيقول: * (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون...) * (5) إلى آخره، فإن فيها نداء إلى إسقاط