الاستدامة والاشتداد، يكون الأمر هنا طلبا للعبادة وللاستدامة على عبادة الله والاشتداد في ذلك (1).
أقول: أمثال هذه الخطابات العامة الكلية - سواء كانت قانونية أو إرشادية - كثيرة، ولا يضر بعمومها القانوني ولا بشمولها الإرشادي، امتثال جماعة وعملهم بها قبل التقنين والإرشاد، ضرورة أن عائلة البشر بين سعيد وشقي ومتوسط، والسعداء كثيرا ما لقوة إدراكهم يعملون بالخيرات، ويتركون الشرور، ومع ذلك ليسوا خارجين عن الأوامر الكلية العامة المتوجهة إلى عموم الناس، الآمرة بالخير والناهية عن الشر.
والسر كل السر ما تحرر في الأصول: من أن الخطابات القانونية وغيرها، ليست تنحل إلى الخطابات الجزئية والشخصية، بل هي خطابات كلية عامة، يشترك فيها العصاة والكفار والسعداء، والذين كانوا يصنعون الخير طبعا، ويتركون الشر جبلة، وهذه المناقضة المتوهمة نشأت من تحليل قوله تعالى: * (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) * إلى الخطابات الجزئية والشخصية، فيكون خطاب من يعبد الله تعالى في نهاية الإخلاص من اللغو، لما لا يترتب على الأمر والبعث المزبور أثر وتحريك، وأما على ما تحرر فهو خطاب كلي قانوني عام، لا يلاحظ فيه خصوصيات المخاطبين، بل يكفي وجود جماعة غير عابدين لربهم الذي خلقهم لتوجيه الكل بهذا الخطاب العام، وتفصيله يطلب من تحريراتنا