والإنشاء متقارب (1). انتهى.
أقول: هاهنا بحثان:
الأول: أن هذه المادة - بحسب اللغة - ليست من مختصاته تعالى، فإن اللغة مضافا إلى موارد الاستعمال تشهد على الأعمية، ومنه قوله تعالى: * (تخلقون إفكا) * (2)، وقوله تعالى: * (أحسن الخالقين) * (3)، وفي الصافات: * (وتذرون أحسن الخالقين) * (4)، والحمل على المجازية خلاف الأصل. هذا ولا يساعد الاختصاص تاريخ اللغات، فإنها حدثت في مواطن المشركين طبعا، ثم بعد نشر التوحيد أطلقت عليه تعالى، ولا ينبغي الخلط، فإن جميع اللغات يشترك فيها غيره تعالى بحسب المفهوم العام، إلا ما هو بالقياس إليه علم من الأول، أو صار علما ثانيا، وفي كثير من الآيات ما يومئ إلى أعمية المفهوم، مثلا قوله تعالى: * (أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون) * (5) ليس في مقام نفي الخالقية عنهم لأجل عدم صدق المفهوم، بل الظاهر منها ومن أمثالها الكثيرة توسعة المفهوم، ولكنها في مقام تعجيزهم عن الخلق والتكوين.
ثم إن توهم: أن الخلق هو التقدير غير صحيح، فإن من التقدير ما ليس بخلق، كما في تقدير الأشياء الغير المنتظمة على كيفية منتظمة.