الثاني: هل الخلق بمعنى إيجاد الشئ وإخراجه من العدم البحت والليس المحض إلى الوجود، أم الخلق - بحسب اللغة - إيجاد الشئ من الشئ، كإيجاد الإنسان من النطفة، والعلقة من المضغة، والثمرة من النواة... وهكذا؟ لا يبعد الثاني حسب الموارد.
هذا بحسب اللغة.
وأما بحسب الاصطلاح - في الكتب العقلية - فالخلق مقابل الإبداع، وأن الخلق أعم من الكائنات والمخترعات، فإن الكائنات هي العنصريات، والمخترعات هي الأثيريات عند القدماء، والمبدعات هي الوجودات التي لا تحتاج إلى أكثر من الإمكان الذاتي في الوجود.
وأما الذي ربما يظهر لأهل الوقوف على حقائق الكتاب الإلهي: أن الخلق في اصطلاح الكتاب العزيز مقابل الأمر، فإن الأشياء بحسب التكوين بين ما هي مجردات محضة لا تعانقها ظلمات المادة وشرور الطبائع، وهي الأمريات، وبين ما هي متعانقة مع المواد والطبائع وموجودات في الزمان والمكان، وهو الخلق، فجميع الموجودات المادية - السماوية والأرضية - من الخلق، وما هو الفارغ بحسب الذات والفعل، أو بحسب الذات فقط، من الأمريات، وهذا الاصطلاح ربما يحصل من الرجوع إلى آيات:
منها قوله تعالى: * (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) * (1)، وقوله تعالى: * (ألا له الخلق والامر) * (2)، وقوله تعالى في موضعين: