فعل العبد لله تعالى (1)، ولا أظن أنهم يلتزمون بعجزه تعالى عن سد المانع عن تأثير قدرة العبد، وعلى هذا يكون فعله مقدورا لله تعالى بهذا المعنى.
أقول: هذه المسألة تدور حول مسألة القدرة وحقيقتها، وأن قدرة الله تعالى كقدرة العبد منتظرة لحالتي الإرادة والدواعي الزائدة على الذات، أم هي طور آخر من القدرة، ونمط أعلى من السلطة.
وحيث إن لهذه المسألة محلا آخر حسب ما هو بناؤنا في هذا الكتاب، فنشير إجمالا إلى أمر ينتهي إلى دلالة الآية - حسب ما هو الحق في القدرة - على أن كل شئ في العالم إذا تحلى بحلية الوجود وتجلى بجلوة النور والحقيقة، يكون ذلك بإقداره تعالى وقدرته الأزلية، ضرورة أن قدرته تعالى عين ذاته تعالى وعين علمه تعالى، ولا يكون هناك أمر زائد على ذاته الوحدانية البسيطة، فتكون قدرته وإرادة الله تعالى واحدة بوحدة الوجود الذي هو الأصل وأصل كل كمال وجمال، فهو تعالى مفيض الوجود، ومخرج الماهيات من " الليس " إلى " الأيس "، والوسائط إمكانات استعدادية وممرات الفيض الأزلي، فهو قادر على كل شئ بالقدرة الفعلية، لا بمعنى أنه تعالى يقبض قدرته تارة ويرسلها أخرى، كما في العباد، فإن أخذ القدرة وقبض الإرادة ثم بسطها يرجع إلى قبض إرادته وبسطها، وهو محال. نعم القبض والبسط في الوجود متصور، أي في فعله تعالى حاصل متحصل بالضرورة، فهو تعالى قادر ذاتا، وقدرته عمالة نافذة دائمية أزلا وأبدا على وجه تعلق علمه بتبعات أسمائه وصفاته.