وليست هذه الخصائص المذكورة في هذه الآيات الكثيرة، ولا الأمثلة المعلنة لأحوال المنافقين، إلا لتوجيه علماء الدين الذين هم ظواهرهم تكذب بواطنهم، والذين هم بحسب الصورة والزي وبحسب القول والمشي، يكونون في زمرة المسلمين والمؤمنين، وأما بحسب الباطن والحقيقة وبحساب السريرة والسجية، يعدون من المنافقين.
فيا عجبا من يوم يحشر الناس على صفوفهم وعلى أصنافهم، وهذه الجماعة من علماء الدين الإسلامي وفضلاء المذهب الجعفري يحشرون في صف المنافقين، وفي زمرة المفسدين الفاسقين، لكونهم من أهل النفاق، فإن حقيقة النفاق أظهر تجليا فيهم وأبين ظهورا في وجوههم. والله يعصمنا من النار، ويعصمنا من هذه الملاحدة والفسقة، ويعصم دينه وإسلامه من هذه الزمرة الفجرة الكهنة.
ونرجوه تعالى أن يمن علينا بالهداية إلى النجاة في جميع النشآت، وأن يهدينا إلى سبيل الهداية والسعادة، ويوفقنا لنيل الآمال والأماني العقلية والشرعية، برفض السيئات من الأفعال والشرور من الأفكار، وبجلب الحسنات من الأعمال والخيرات من الآراء، وأن يقوينا على طاعته بالوصول إلى خدمة الأولياء والأبرياء، فإن قرة عين العبد هي الصلاة وخدمة هؤلاء الخواص من الناس حتى يصير منهم ويلتحق بهم، فإن المرء محشور مع من أحبه، وذلك لأجل أنه يصير العاشق عين وجود المعشوق، والمحب عين حقيقة المحبوب، فعليك بمواصلة الاستغفار في الأسحار، وبمرافقة الأخيار والأبرار، فإنه أحسن أنعم الله على عبده، وله الشكر على ما أعطانا.