هو الإمكان والفقر، والوجوب ينافي القدرة، لأنه عين الاستغناء وضد الحاجة، وهذا نظير ما ترى في العرفيات فإن الفقير السائل يحتاج، فإذا أجيبت دعوته فهو الغني غير المحتاج، فجميع الموجودات بعد الوجود شئ، ولا تتحمل القدرة ولا تقبل السلطنة ثانيا.
ولعل لأجل هذا المنهج من الكلام قال المعتزلي: إن القدرة بالقياس إلى الأعدام إخراج من كتم العدم، وبالقياس إلى الموجودات إفناء إلى دار العدم، وبالقياس إلى مقدورات غيره تعالى إيجاد المانع وسد عن قدرة غيره تعالى.
والجواب: أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار والاقتدار، فالممكن المحفوف بالوجوبين - الوجوب الجائي من قبل العلة، فإن الشئ ما لم يجب لم يوجد، والوجوب اللاحق به من ناحية الوجود، وإن الشئ إذا وجد وجب - هو تحت قدرة العلة والسبب التام وتحت استيلاء الوجوب الذاتي، لأنه بوجوده عين التدلي إلى علته، فكيف يكون غير مقدور، مع أن القدرة الفعلية التي هي تجلي القدرة الذاتية تلازم الماهية وتعانقها، لأن الوجود المعانق للماهيات الممكنة نفس قدرته تعالى التي بها ظهرت تلك الأعيان الثابتة والماهيات الإمكانية.
فتحصل: أن قضية عموم الآية نفوذ قدرته تعالى، وتعلقها بالمقدورات الموجودة يكون تعلقا فعليا.
ومن هنا يظهر فساد مقالة أخرى للمعتزلة: وهي أن مقدور العبد ليس مقدوره تعالى، معللين بلزوم اجتماع القدرتين على واحد، فإن ذلك بالنظر إلى مبناهم الفاسد، وهو أن القدرة تلازم الفعل، فتدبر.