فكون الفاء داخلة في الخبر غير بعيد في نفسه. إلا أن الأقرب - كما تحرر منا - أن الفاء عاطفة، تعطف الجملة على الجملة، من غير كونه من العطف على محل أو غيره.
وإن شئت قلت: في مثل عطف الجملة على الجملة غير المرتبطة بالثانية، لا معنى للعطف واقعا، وأما فيما نحن فيه فلمكان الترتب والسببية والعلية المتوهمة بين الجملتين، صح عطف الثانية على الأولى، لأنها مترتبة عليها.
ولأجل عدم الترتب بين الجملة الثالثة والثانية عطفت الثانية بالواو، فقال: * (وما كانوا مهتدين) *، أي وما كان أولئك، أو ما كان المشار إليه بأولئك، أو ما كان الذين اشتروا الضلالة بالهدى، وبناء عليه يكون لفظة " كان " ناقصة و " مهتدين " خبرها. وفي " مجمع البيان " قال: و " كان " ما هو فعل حقيقي يدل على زمان وحدث، كقوله تعالى: * (إلا أن تكون تجارة) * أي تحدث (1). انتهى.
وغير خفي: أن قوله تعالى: * (إلا أن تكون تجارة) * منصوب، وقد قرئ بالرفع (2)، وعلى النصب يكون خبرا، والمبتدأ واسم كان محذوف. وما في كلام ابن حيان: من عطف جملة * (فما ربحت) * على صلة * (الذين) * (3)، خال عن الذوق السليم، لأن معناه يصير على وجه لا يحصل الترتب بين الجملتين، كما لا يخفى.