من جمع من المفسرين، اغترارا بظواهر كثير من الأخبار وأقوال السلف، غفلة عن حال الأخبار ووجهة نظر الأقدمين.
ثم إن من الدقائق التي فيها: أن الحكم بعدم الرجوع معلق بحسب الواقع على اختيارهم، وأنهم بالاختيار لا يرجعون، نسب عدم الرجوع إلى الإرادة والاختيار، وعلى هذا هم متمكنون من الرجوع إلى الفطرة والهداية على وجه لا يلزم منه كذب القضية الإخبارية، فليتأمل.
وغير خفي: أن من الممكن تضحية جمع غفير وقلة قليلة من الناس لأجل الآخرين، ومن المجاز تفدية العزيز للأعز بالضرورة، فلو كان في هذه الكيفية من الإرشاد، وفي اتخاذ هذا المنهج من الهداية والوعظ - بالنسبة إلى طائفة خاصة من المنافقين واليهود - منافع الناس كلا وهداية المسلمين طرا لما كان فيه مناقضة عقلية ولا انحراف عن جادة الإنصاف، فإن دفع الشر الكثير بارتكاب الشر القليل، واجب عقلي بالضرورة.
ثم إن مراعاة الحالين الخوف والرجاء في الوعظ والإرشاد، لازم بالقياس إلى من في وجوده من النور شئ، وأما إذا * (ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) * وهم الصم البكم العمي، فكيف يمكن أن يرجعوا إلى دار السعادة وحسن العافية والعاقبة؟! * (كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره) * (1) دون هؤلاء الغافلين المبعدين.
ففي هذه الآيات إنذار بالنسبة إلى الآخرين، حتى يصونوا من