والموضوع، ومن تأمل في الآيات والأشعار المستدل بها على المعاني المختلفة، يحصل له العلم بأن الكل مشترك في معنى واحد، وهو الترديد والتردد، فإذا قيل: * (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) * (1)، فإنه وإن يفد شك المتكلم إلا أنه لازم الكلام، لا مدلول كلمة " أو " وإذا قيل: * (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) * (2) ف " أو " وإن يفد الإبهام على السامع إلا أنه من مقتضيات الكلام ومناسبات الحكم فيه، وهكذا التخيير بجميع أقسامه، فإنه لازم الحكم المجعول، وقد تحرر منا كيفية الوجوب التخييري تفصيلا في الأصول، وتعرضنا هناك لمدلول كلمة " أو " أيضا (3).
وأما قوله تعالى: * (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) * (4)، وقوله تعالى: * (فكان قاب قوسين أو أدنى) * (5) فهو من الترديد في متعارف الكلام، ومن الترديد الصوري والادعائي، وكما لا يعقل الإضراب واقعا في حقه تعالى، لاستلزامه الجهل، كذلك الترديد، فما اشتهر من أن " أو " هنا للإضراب خال عن التحصيل.
وهكذا توهم: أن " أو " في قوله تعالى: * (إلا كلمح البصر أو هو أقرب) * (6)