إقبال عليه، وخلاف الاعراض عنه، فيكون المعنى: إن تقبلوا أو تعرضوا، فإن الله خبير بأعمالكم، يجازي المحسن المقبل بإحسانه، والمسئ المعرض بإعراضه وتركه الاقبال على ما يلزمه، أن يقبل عليه.
قال: وإذا قرأت (تلووا) فهي من اللي. واللي: مثل الاعراض، فيكون كالتكرير. ألا ترى أن قوله (لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون) معناه الاعراض، وترك الانقياد للحق؟ ومن قرأ (تلووا) من لوى، فحجته أن يقول: لا ينكر أن يتكرر اللفظان بمعنى واحد، نحو قوله (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) وقول الشاعر:
(وهند أتى من دونها النأي والبعد) (1) وقول آخر: (وألفى قولها كذبا ومينا) (2) وقيل:
(إن تلوا) يجوز أن يكون تلووا، وإن الواو التي هي عين، همزت لانضمامها كما همزت في أدؤر، ثم طرحت الهمزة، وألقيت حركتها على اللام التي هي فاء، فصارت تلوا، كما تطرح الهمزة في أدؤر، وتلقى حركتها على الدال، فتصير آدر.
اللغة: القسط والإقساط: العدل، يقال: أقسط الرجل إقساطا: إذا عدل وأتى بالقسط، وقسط الرجل، يقسط، قسوطا: إذا جار. ويقال قسط البعير، يقسط، قسطا: إذا يبست يده. ويد قسطاء: أي يابسة. فكأن معنى إقساط: إقام الشئ على حقيقته في التعديل، وكان قسط: أي جار معناه: يبس الشئ، وأفسد جهته المستقيمة، والقوام: فعال من القيام، وهو أن يكون عادته القيام. واللي: الدفع.
يقال: لويت فلانا حقه: إذا دفعته ومطلته. ومنه الحديث: " لي الواجد ظلم " أي:
مطل الغني جور.
الاعراب: (شهداء): نصب على الحال من الضمير في قوله (قوامين) وهو ضمير (الذين آمنوا) ويجوز أن يكون خبر كان على أن لها خبرين نحو: هذا حلو حامض. ويجوز أن يكون صفة لقوامين إن يكن غنيا، أو فقيرا، فالله أولى بهما، لم يقل به، لأنه أراد: فالله أولى بغناء الغني، وفقر الفقير، لان ذلك منه سبحانه.
وقيل: إنما ثني الضمير، لان أو في هذا الموضع بمعنى الواو. وقيل: إنه لم يقصد غنيا بعينه، ولا فقيرا بعينه، فهو مجهول. وما ذلك حكمه يجوز أن يعود إليه الضمير بالتوحيد والتثنية (3). وقد ذكر أن في قراءة أبي (فالله أولى بهم). وقيل: إنما قال