صالح فان سابه أحد أو قاتله ولأبى قرة من طريق سهيل عن أبيه وان شتمه انسان فلا يكلمه ونحوه في رواية هشام عن أبي هريرة عند أحمد ولسعيد بن منصور من طريق سهيل فان سابه أحد أو ماراه أي جادله ولابن خزيمة من طريق عجلان مولى المشمعل عن أبي هريرة فان سابك أحد فقل انى صائم وان كنت قائما فاجلس ولأحمد والترمذي من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة فان جهل على أحدكم جاهل وهو صائم وللنسائي من حديث عائشة وان امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه واتفق الروايات كلها على أنه يقول انى صائم فمنهم من ذكرها مرتين ومنهم من اقتصر على واحدة وقد استشكل ظاهره بان المفاعلة تقتضى وقوع الفعل من الجانبين والصائم لا تصدر منه الافعال التي رتب عليها الجواب خصوصا المقاتلة والجواب عن ذلك ان المراد بالمفاعلة التهيؤ لها أي ان تهيأ أحد لمقاتلته أو مشاتمته فليقل انى صائم فإنه إذا قال ذلك أمكن ان يكف عنه فان أصر دفعه بالأخف فالأخف كالصائل هذا فيمن يروم مقاتلته حقيقة فإن كان المراد بقوله قاتله شاتمة لان القتل يطلق على اللعن واللعن من جملة السب ويؤيده ما ذكرت من الألفاظ المختلفة فان حاصلها يرجع إلى الشتم فالمراد من الحديث انه لا يعامله بمثل عمله بل يقتصر على قوله انى صائم واختلف في المراد بقوله فليقل انى صائم هل يخاطب بها الذي يكلمه بذلك أو يقولها في نفسه وبالثاني جزم المتولى ونقله الرافعي عن الأئمة ورجع النووي الأول في الاذكار وقال في شرح المهذب كل منهما حسن والقول باللسان أقوى ولو جمعهما لكان حسنا ولهذا التردد أتى البخاري في ترجمته كما سيأتي بعد أبواب بالاستفهام فقال باب هل يقول انى صائم إذا شتم وقال الروياني إن كان رمضان فليقل بلسانه وإن كان غيره فليقله في نفسه وادعى ابن العربي أن موضع الخلاف في التطوع وأما في الفرض فيقوله بلسانه قطعا وأما تكرير قوله انى صائم فليتأكد الانزجار منه أو ممن يحاطبه بذلك ونقل الزركشي أن المراد بقوله فليقل انى صائم مرتين يقوله مرة بقلبه ومرة بلسانه فيستفيد بقوله بقلبه كف لسانه عن خصمه وبقوله بلسانه كف خصمه عنه وتعقب بان القول حقيقة باللسان وأجيب بأنه لا يمنع المجاز وقوله قاتله يمكن حمله على ظاهره ويمكن أن يراد بالقتل لعن يرجع إلى معنى الشتم ولا يمكن حمل قاتله وشاتمه على المفاعلة لان الصائم مأمور بان يكف نفسه عن ذلك فكيف يقع ذلك منه وانما المعنى إذا جاءه متعرضا لمقاتلته أو مشاتمته كأن يبدأه بقتل أو شتم اقتضت العادة أن يكافئه عليه فالمراد بالمفاعلة إرادة غير الصائم ذلك من الصائم وقد تطلق المفاعلة على التهيئ لها ولو وقع الفعل من واحد وقد تقع المفاعلة بفعل الواحد كما يقال لواحد عالج الامر وعافاه الله وأبعد من حمله على ظاهره فقال المراد إذا بدرت من الصائم مقابلة الشتم بشتم على مقتضى الطبع فلينزجر عن ذلك ويقول انى صائم ومما يبعده قوله في الرواية الماضية فان شتمه والله أعلم وفائدة قوله انى صائم أنه يمكن ان يكف عنه بذلك فان أصر دفعه بالأخف فالأخف كالصائل هذا فيمن يروم مقاتلته حقيقة فإن كان المراد بقوله قاتله شاتمه فالمراد من الحديث أنه لا يعامله بمثل عمله بل يقتصر على قوله انى صائم (قوله والذي نفسي بيده) أقسم على ذلك تأكيدا (قوله لخلوف) بضم المعجمة واللام وسكون الواو بعدها فاء قال عياض هذه الرواية الصحيحة وبعض الشيوخ يقوله بفتح الخاء قال الخطابي وهو خطأ وحكى القابسي الوجهين وبالغ النووي في شرح المهذب فقال
(٨٩)