الزمنين وكان الامر في حياته صلى الله عليه وسلم كذلك للسبب المذكور ويؤيده قصة الاعرابى الآتية بعد أبواب فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث معللا به خروج الاعرابى وسؤاله الإقالة عن البيعة ثم يكون ذلك أيضا في آخر الزمان عندما ينزل بها الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر الا خرج إليه كما سيأتي بعد أبواب أيضا وأما ما بين ذلك فلا (قوله كما ينفى الكير) بكسر الكاف وسكون التحتانية وفيه لغة أخرى كور بضم الكاف والمشهور بين الناس انه الزق الذي ينفخ فيه لكن أكثر أهل اللغة على أن المراد بالكير حانوت الحداد والصائغ قال ابن التين وقيل الكير هو الزق والحانوت هو الكور وقال صاحب المحكم الكير الزق الذي ينفخ فيه الحداد ويؤيد الأول ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة باسناد له إلى أبى مودود قال رأى عمر بن الخطاب كير حداد في السوق فضربه برجله حتى هدمه والخبث بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة أي وسخه الذي تخرجه النار والمراد انها لا تترك فيها من في قلبه دغل بل تميزه عن القلوب الصادقة وتخرجه كما يميز الحداد ردئ الحديد من جيده ونسبة التمييز للكير لكونه السبب الأكبر في اشتعال النار التي يقع التمييز بها واستدل بهذا الحديث على أن المدينة أفضل البلاد قال المهلب لان المدينة هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الاسلام فصار الجميع في صحائف أهلها ولأنها تنفى الخبث وأجيب عن الأول بان أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة فالفضل ثابت للفريقين ولا يلزم من ذلك تفضيل إحدى البقعتين وعن الثاني بأن ذلك انما هو في خاص من الناس ومن الزمان بدليل قوله تعالى ومن أهل المدينة مردوا على النفاق والمنافق خبيث بلا شك وقد خرج من المدينة بعد النبي صلى الله عليه وسلم معاذ وأبو عبيدة وابن مسعود وطائفة ثم على وطلحة والزبير وعمار وآخرون وهم من أطيب الخلق فدل على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس ووقت دون وقت قال ابن حزم لو فتحت بلد من بلد فثبت بذلك الفضل للأولى للزم أن تكون البصرة أفضل من خراسان وسجستان وغيرهما مما فتح من جهة البصرة وليس كذلك وسيأتى مزيد لهذا في كتاب الاعتصام * (قوله باب المدينة طابة) أي من أسمائها إذ ليس في الحديث انها لا تسمى بغير ذلك وذكر فيه طرفا من حديث أبي حميد الساعدي وقد مضى مطولا في أواخر الزكاة ووقع في بعض طرقه طابة وفى بعضها طيبة وروى مسلم من حديث جابر بن سمرة مرفوعا ان الله سمى المدينة طابة ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن سماك بلفظ كانوا يسمون المدينة يثرب فسماها النبي صلى الله عليه وسلم طابة وأخرجه أبو عوانة والطاب والطيب لغتان بمعنى واشتقاقهما من الشئ الطيب وقيل لطهارة تربتها وقيل لطيبها لساكنها وقيل من طيب العيش بها وقال بعض أهل العلم وفى طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية لان من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها وقرأت بخط أبى على الصدفي في هامش نسخته من صحيح البخاري بخطه قال الحافظ أمر المدينة في طيب ترابها وهوائها يجده من أقام بها ويجد لطيبها أقوى رائحة ويتضاعف طيبها فيها عن غيرها من البلاد وكذلك العود وسائر أنواع الطيب وللمدينة أسماء غير ما ذكر منها ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة من رواية زيد بن أسلم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وطابة
(٧٦)