ابن عمرو خص بالمنع لما اطلع النبي صلى الله عليه وسلم عليه من مستقبل حاله فيلتحق به من في معناه ممن يتضرر بسرد الصوم ويبقى غيره على حكم الجواز لعموم الترغيب في مطلق الصوم كما سيأتي في الجهاد من حديث أبي سعيد مرفوعا من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار (قوله فإنك لا تستطيع ذلك) يحتمل أن يريد به الحالة الراهنة لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يتكلف ذلك ويدخل به على نفسه المشقة ويفوت به ما هو أهم من ذلك ويحتمل ان يريد به ما سيأتي بعد إذا كبر وعجز كما اتفق له سواء وكره أن يوظف على نفسه شيئا من العبادة ثم يعجز عنه فيتركه لما تقرر من ذم من فعل ذلك (قوله وصم من الشهر ثلاثة أيام) بعد قوله فصم وأفطر بيان لما أجمل من ذلك وتقرير له على ظاهره إذ الاطلاق يقتضى المساواة (قوله مثل صيام الدهر) يقتضى ان المثلية لا تستلزم التساوي من كل جهة لان المراد به هنا أصل التضعيف دون التضعيف الحاصل من الفعل ولكن يصدق على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازا (قوله بعد ذكر صيام داود لا أفضل من ذلك) ليس فيه نفى المساواة صريحا لكن قوله في الرواية الماضية في قيام الليل من طريق عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو أحب الصيام إلى الله صيام داود يقتضى ثبوت الأفضلية مطلقا ورواه الترمذي من وجه آخر عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو بلفظ أفضل الصيام صيام داود وكذلك رواه مسلم من طريق أبى عياض عن عبد الله ومقتضاه أن تكون الزيادة على ذلك من الصوم مفضولة وسأذكر بسط ذلك في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى * (قوله باب حق الأهل في الصوم رواه أبو جحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم) يعنى حديث أبي جحيفة في قصة سلمان وأبى الدرداء التي تقدمت قبل خمسة أبواب وفيها قول سلمان لأبي الدرداء وان لأهلك عليك حقا وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وقد تقدم الكلام عليه قبل (قوله حدثنا عمرو بن علي) هو الفلاس وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل وهو من شيوخ البخاري الذين أكثر عنهم وربما روى عنه بواسطة ما فاته منه كما في هذا الموضع وكأنه اختار النزول من طريقه هذه لوقوع التصريح فيها بسماع ابن جريج له من عطاء وهو ابن أبي رباح وأبو العباس يأتي القول فيه بعد باب (قوله بلغ النبي صلى الله عليه وسلم انى اسرد الصوم) سبقت تسمية الذي بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وانه عمرو بن العاص والد عبد الله (قوله وتصلى) في رواية مسلم من وجه آخر عن ابن جريج وتصلى الليل فلا تفعل (قوله فان لعينيك) في رواية السرخسي والكشميهني لعينك بالافراد (قوله عليك حظا) كذا فيه في الموضعين بالظاء المعجمة وكذا لمسلم وعند الإسماعيلي حقا بالقاف وعنده وعند مسلم من الزيادة وصم من كل عشرة أيام يوما ولك أجر التسعة (قوله انى لأقوى لذلك) أي لسرد الصيام دائما وفى رواية مسلم انى أجدني أقوى من ذلك يا نبي الله (قوله قال وكيف) في رواية مسلم وكيف كان داود يصوم يا نبي الله (قوله ولا يفر إذا لاقي) زاد النسائي من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة وإذا وعد لم يخلف ولم أرها من غير هذا الوجه ولها مناسبة بالمقام وإشارة إلى أن سبب النهى خشية ان يعجز عن الذي يلزمه فيكون كمن وعد فاخلف كما أن في قوله ولا يفر إذا لاقي إشارة إلى حكمة صوم يوم وافطار يوم قال الخطابي محصل قصة عبد الله بن عمرو أن الله تعالى لم يتعبد عبده بالصوم خاصة بل تعبده بأنواع من العبادات فلو
(١٩٢)