معهما الشيطان ونحوه في حديث القلتان عند ابن إسحاق وزاد أنه لقيهما عند سدة المسجد فحجز بينهما فاتفقت هذه الأحاديث على سبب النسيان وروى مسلم أيضا من طريق أبى سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها وهذا سبب آخر فاما أن يحمل على التعدد بأن تكون الرؤيا في حديث أبي هريرة مناما فيكون سبب النسيان الايقاظ وأن تكون الرؤية في حديث غيره في اليقظة فيكون سبب النسيان ما ذكر من المخاصمة أو يحمل على اتحاد القصة ويكون النسيان وقع مرتين عن سببين ويحتمل أن يكون المعنى أيقظني بعض أهلي فسمعت تلاحي الرجلين فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال بهما وقد روى عبد الرزاق من مرسل سعيد بن المسيب أنه صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بليلة القدر قالوا بلى فسكت ساعة ثم قال لقد قلت لكم وأنا أعلمها ثم أنسيتها فلم يذكر سبب النسيان وهو مما يقوى الحمل على التعدد (قوله رجلان) قيل هما عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك ذكره ابن دحية ولم يذكر له مستندا (قوله لأخبركم بليلة القدر) أي بتعيين ليلة القدر (قوله فرفعت) أي من قلبي فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين وقيل المعنى فرفعت بركتها في تلك السنة وقيل التاء في رفعت للملائكة لا لليلة وقال الطيبى قال بعضهم رفعت أي معرفتها والحامل له على ذلك أن رفعها مسبوق بوقوعها فإذا وقعت لم يكن لرفعها معنى قال ويمكن أن يقال المراد برفعها انها شرعت أن تقع فلما تخاصما رفعت بعد فنزل الشروع منزلة الوقوع وإذا تقرر أن الذي ارتفع علم تعيينها تلك السنة فهل أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بتعيينها فيه احتمال وقد تقدم قول ابن عيينة في أول الكلام على ليلة القدر انه أعلم وروى محمد بن نصر من طريق واهب المغافري أنه سأل زينب بنت أم سلمة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ليلة القدر فقالت لا لو علمها لما أقام الناس غيرها الله اه وهذا قالته احتمالا وليس بلازم لاحتمال أن يكون التعبد وقع بذلك أيضا فيحصل الاجتهاد في جميع العشر كما تقدم واستنبط السبكي الكبير في الحلبيات من هذه القصة استحباب كتمان ليلة القدر لمن رأها قال ووجه الدلالة ان الله قدر لنبيه انه لم يخبر بها والخير كله فيما قدره له فيستحب اتباعه في ذلك وذكر في شرح المنهاج ذلك عن الحاوي قال والحكمة فيه أنها كرامة والكرامة نبغي كتمانها بلا خلاف بين أهل الطريق من جهة رؤية النفس فلا يامن السلب ومن جهة أن لا يامن الرياء ومن جهة الأدب فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها وذكرها للناس ومن جهة أنه لا يامن الحسد فيوقع غيره في المحذور ويستأنس له بقول يعقوب عليه السلام يا بنى لا تقصص رؤياك على أخوتك الآية (قوله فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة) يحتمل أن يريد بالتاسعة تاسع ليلة من العشر الأخير فتكون ليلة تسع وعشرين ويحتمل أن يريد بها تاسع ليلة تبقى من الشهر فتكون ليلة إحدى أو اثنين بحسب تمام الشهر ونقصانه ويرجح الأول قوله في رواية إسماعيل بن جعفر عن حميد الماضية في كتاب الايمان بلفظ التمسوها في التسع والسبع والخمس أي في تسع وعشرين وسبع وعشرين وخمس وعشرين وفى رواية لأحمد في تاسعة تبقى والله أعلم * (قوله باب العمل في العشر الأواخر من رمضان وفى رواية المستملى في رمضان (قوله عن أبي يعفور) بفتح التحتانية وسكون المهملة وضم الفاء ولأحمد عن سفيان
(٢٣٣)