رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه وزاد قال نافع وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف فيه من المسجد وزاد ابن ماجة من وجه آخر عن نافع ان ابن عمر كان إذا اعتكف طرح له فراشه وراء أسطوانة التوبة * ثانيها حديث عائشة مثل حديث ابن عمر وزاد حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده فيؤخذ من الأول اشتراط المسجد له ومن الثاني انه لم ينسخ وليس من الخصائص وأما قول ابن نافع عن مالك فكرت في الاعتكاف وترك الصحابة له مع شدة اتباعهم للأثر فوقع في نفسي أنه كالوصال وأراهم تركوه لشدته ولم يبلغني عن أحد من السلف انه اعتكف الا عن أبي بكر بن عبد الرحمن اه وكأنه أراد صفة مخصوصة والا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة ومن كلام مالك أخذ بعض أصحابه أن الاعتكاف جائز وأنكر ذلك عليهم ابن العربي وقال إنه سنة مؤكدة وكذا قال ابن بطال في مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تأكده وقال أبو داود عن أحمد لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أنه مسنون (قوله عن ابن شهاب) زاد معمر فيه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وخالفه الليث عن الزهري فقال عن عروة عن عائشة موصولا وعن سعيد مرسلا * ثالثها حديث أبي سعيد وقد تقدمت مباحثه في الباب الذي قبله * (قوله باب الحائض ترجل رأس المعتكف) أي تمشطه وتدهنه (قوله يصغى إلى) بضم أوله أي يميل (قوله وهو مجاور) في رواية أحمد والنسائي كان يأتيني وهو معتكف في المسجد فيتكئ على باب حجرتي فاغسل رأسه وسائره في المسجد وقد تقدمت فوائده في كتاب الحيض ويؤخذ منه ان المجاورة والاعتكاف واحد وفرق بينهما مالك وفى الحديث جواز التنظف والتطيب والغسل والحلق والتزين الحاقا بالترجل والجمهور على أنه لا يكره فيه الا ما يكره في المسجد وعن مالك تكره فيه الصنائع والحرف حتى طلب العلم وفى الحديث استخدام الرجل امرأته برضاها وفى اخراجه رأسه دلالة على اشتراط المسجد للاعتكاف وعلى ان من أخرج بعض بدنه من مكان حلف ان لا يخرج منه لم يحنث حتى يخرج رجليه ويعتمد عليهما * (قوله باب لا يدخل) أي المعتكف (البيت الا لحاجة) كأنه أطلق على وفق الحديث (قوله عن عروة) أي ابن الزبير (وعمرة) كذا في رواية الليث جمع بينهما ورواه يونس عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة وحده ورواه مالك عنه عن عروة عن عمرة قال أبو داود وغيره لم يتابع عليه وذكر البخاري ان عبيد الله بن عمر تابع مالكا وذكر الدارقطني ان أبا أويس رواه كذلك عن الزهري واتفقوا على أن الصواب قول الليث وان الباقين اختصروا منه ذكر عمرة وان ذكر عمرة في رواية مالك من المزيد في متصل الأسانيد وقد رواه بعضهم عن مالك فوافق الليث أخرجه النسائي أيضا وله أصل من حديث عروة عن عائشة كما سيأتي من طريق هشام عن أبيه وهو عند النسائي من طريق تميم بن سلمة عن عروة (قوله وكان لا يدخل البيت الا لحاجة) زاد مسلم الا لحاجة الانسان وفسرها الزهري بالبول والغائط وقد اتفقوا على
(٢٣٦)