ما يقابله وهو غلق أبواب النار واستدل به على أن الجنة في السماء لإقامة هذا مقام هذه في الرواية وفيه نظر وجزم التوربشتي شارح المصابيح بالاحتمال الأخير وعبارته فتح أبواب السماء كناية عن تنزل الرحمة وإزالة الغلق عن مصاعد أعمال العباد تارة ببذل التوفيق وأخرى بحسن القبول وغلق أبواب جهنم كناية عن تنزه أنفس الصوام عن رجس الفواحش والتخلص من البواعث عن المعاصي بقمع الشهوات وقال الطيبى فائدة فتح أبواب السماء توقيف الملائكة على استحماد فعل الصائمين وانه من الله بمنزلة عظيمة وفيه إذا علم المكلف ذلك باخبار الصادق ما يزيد في نشاطه ويتلقاه بأريحية وقال القرطبي بعد ان رجح حمله على ظاهره فان قيل كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك فالجواب أنها انما تقل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لاكلهم كما تقدم في بعض الروايات أو المقصود تقليل الشرور فيه وهذا أمر محسوس فان وقوع ذلك فيه أقل من غيره إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم ان لا يقع شر ولا معصية لان لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الانسية وقال غيره في تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر المكلف كأنه يقال له قد كفت الشياطين عنك فلا تعتل بهم في ترك الطاعة ولا فعل المعصية (قوله إذا رأيتموه) أي الهلال وسيأتى التصريح بذلك بعد خمسة أبواب مع الكلام على الحكم وكذا هو مصرح بذكر الهلال فيه في الرواية المعلقة وانما أراد المصنف بايراده في هذا الباب ثبوت ذكر رمضان بغير لفظ شهر ولم يقع ذلك في الرواية الموصولة وانما وقع في الرواية المعلقة (قوله وقال غيره عن الليث الخ) المراد بالغير المذكور أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث كذا أخرجه الإسماعيلي من طريقه قال حدثني الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب فذكره بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهلال رمضان إذا رأيتموه فصوموا الحديث ووقع مثله في غير رواية الزهري قال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهلال رمضان إذا رأيتموه فصوموا الحديث وسيأتى بيان اختلاف ألفاظ هذا الحديث حيث ذكرته إن شاء الله تعالى * (قوله باب من صام رمضان ايمانا واحتسابا ونية) قال الزين بن المنير حذف الجواب ايجازا واعتمادا على ما في الحديث وعطف قوله نية على قوله احتسابا لأن الصوم انما يكون لأجل التقرب إلى الله والنية شرط في وقوعه قربة قال والأولى أن يكون منصوبا على الحال وقال غيره انتصب على أنه مفعول له أو تمييز أو حال بان يكون المصدر في معنى اسم الفاعل أي مؤمنا محتسبا والمراد بالايمان الاعتقاد بحق فرضية صومه وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى وقال الخطابي احتسابا أي عزيمة وهو ان يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه (قوله وقالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم يبعثون على نياتهم) هذا طرف من حديث وصله المصنف في أوائل البيوع من طريق نافع ابن جبير عنها وأوله يغزو جيش الكعبة حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم ثم يبعثون على نياتهم يعنى يوم القيامة ووجه الاستدلال منه هنا ان للنية تأثيرا في العمل لاقتضاء الخبر أن في الجيش المذكور المكره والمختار فإنهم إذا بعثوا على نياتهم وقعت المؤاخذة على المختار دون
(٩٨)