صلى الله عليه وسلم قصته في مقام الاحتجاج بها على ما قدمه من أن خير الكسب عمل اليد وهذا بعد تقرير ان شرع من قبلنا شرع لنا ولا سيما إذا ورد في شرعنا مدحه وتحسينه مع عموم قوله تعالى فبهداهم اقتده وفى الحديث أن التكسب لا يقدح في التوكل وان ذكر الشئ بدليله أوقع في نفس سامعه * الحديث الخامس والسادس (قوله لان يحتطب أحدكم) تقدم الكلام عليه في باب الاستعفاف عن المسئلة وأخرجه هناك من طريق الأعرج عن أبي هريرة وبعد أبواب من طريق أبى صالح عنه وهنا من طريق أبى عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف وهو مولى ابن أزهر وقد تقدم الكلام على ترجمته في أواخر الصيام وحديث الزبير بن العوام في ذلك أورده هنا مختصرا وساقه في باب الاستعفاف من الزكاة بتمامه وتقدم الكلام عليه هناك وقوله أحبله بفتح أوله وضم الموحدة جمع حبل مثل فلس وأفلس * (قوله باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع) يحتمل أن يكون من باب اللف والنشر مرتبا أو غير مرتب ويحتمل كل منهما لكل منهما إذ السهولة والسماحة متقاربان في المعنى فعطف أحدهما على الآخر من التأكيد اللفظي وهو ظاهر حديث الباب والمراد بالسماحة ترك المضاجرة ونحوها لا المكايسة في ذلك (قوله ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف) أي عما لا يحل أشار بهذا القدر إلى ما أخرجه الترمذي وابن ماجة وابن حبان من حديث نافع عن ابن عمر وعائشة مرفوعا من طلب حقا فليطلبه في عفاف واف أو غير واف (قوله حدثنا علي بن عياش) بالتحتانية والمعجمة (قوله رحم الله رجلا) يحتمل الدعاء ويحتمل الخير وبالأول جزم ابن حبيب المالكي وابن بطال ورجحه الداودي ويؤيد الثاني ما رواه الترمذي من طريق زيد بن عطاء بن السائب عن ابن المنكدر في هذا الحديث بلفظ غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع الحديث وهذا يشعر بأنه قصد رجلا بعينه في حديث الباب قال الكرماني ظاهره الاخبار لكن قرينة الاستقبال المستفاد من إذا تجعله دعاء وتقديره رحم الله رجلا يكون كذلك وقد يستفاد العموم من تقييده بالشرط (قوله سمحنا) بسكون الميم والمهملتين أي سهلا وهى صفة مشبهة تدل على الثبوت فلذلك كرر أحوال البيع والشراء والتقاضي والسمح الجواد يقال سمح بكذا إذا جاد والمراد هنا المساهلة (قوله وإذا اقتضى) أي طلب قضاء حقه بسهولة وعدم الحاف في رواية حكاها ابن التين وإذا قضى أي أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل وللترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعا ان الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء وللنسائي من حديث عثمان رفعه أخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو نحوه وفيه الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالى الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم * (قوله باب من أنظر موسرا) أي فضل من فعل ذلك وحكمه وقد اختلف العلماء في حد الموسر فقيل من عنده مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته وقال الثوري وابن المبارك وأحمد واسحق من عنده خمسون درهما أو قيمتها من الذهب فهو موسر وقال الشافعي قد يكون الشخص بالدرهم غنيا مع كسبه وقد يكون بالألف فقيرا مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله وقيل الموسر والمعسر يرجعان إلى العرف فمن كان حاله بالنسبة إلى مثله يعد يسارا فهو موسر وعكسه وهذا هو المعتمد وما قبله انما هو في حد من تجوز له
(٢٦٠)