المتلقى فيطلب من الجالب البيع فلو ابتدأ الجالب بطلب البيع فاشترى منه المتلقى لم يدخل في النهى وذكر امام الحرمين في صورة التلقي المحرم أن يكذب في سعر البلد ويشترى منهم بأقل من ثمن المثل وذكر المتولى فيها أن يخبرهم بكثرة المؤنة عليهم في الدخول وذكر أبو إسحاق الشيرازي أن يخبرهم بكساد ما معهم ليغبنهم وقد يؤخذ من هذه التقييدات اثبات الخيار لمن وقعت له ولو لم يكن هناك تلقى لكن صرح الشافعية أن كون اخباره كذبا ليس شرطا لثبوت الخيار وانما يثبت له الخيار إذا ظهر الغبن فهو المعتبر وجودا وعدما * ثالثها حديث ابن مسعود وقد مضى الكلام عليه في المصراة والغرض منه هنا قوله ونهى عن تلقى البيوع فإنه يقتضى تقييد النهى المطلق في التلقي بما إذا كان لأجل المبايعة * رابعها حديث ابن عمر وسيأتى الكلام عليه في الباب الذي بعده فدلت الطريقة الثالثة وهى في الباب الذي يليه من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع ان الوصول إلى أول السوق لا يلقى حتى يدخل السوق والى هذا ذهب أحمد واسحق وابن المنذر وغيرهم وصرح جماعة من الشافعية بان منتهى النهى عن التلقي لا يدخل البلد سواء وصل إلى السوق أم لا وعند المالكية في ذلك اختلاف كثير في حد التلقي (قوله ولا تلقوا السلع) بفتح أوله واللام وتشديد القاف المفتوحة وضم الواو أي تتلقوا فحذفت إحدى التاءين ثم إن مطلق النهى عن التلقي يتناول المريض المسافة وقصرها وهو ظاهر اطلاق الشافعية وقيد المالكية محل النهى بحد مخصوص ثم اختلفوا فيه فقيل ميل وقيل فرسخان وقيل يومان وقيل مسافة القصر وهو قول الثوري وأما ابتداؤها فسيأتي البحث فيه في الباب الذي بعده * (قوله باب منتهى التلقي) أي وابتدائه وقد ذكرنا أن الظاهر أنه لا حد لانتهائه من جهة الجالب وأما من جهة المتلقى فقد أشار المصنف بهذه الترجمة إلى أن ابتداءه الخروج من السوق أخذا من قول الصحابي انهم كانوا يتبايعون بالطعام في أعلى السوق فيبيعونه في مكانه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه ولم ينههم عن التبايع في أعلى السوق فدل على أن التلقي إلى أعلى السوق جائز فان خرج عن السوق ولم يخرج من البلد فقد صرح الشافعية بأنه لا يدخل في النهى وحد ابتداء التلقي عندهم الخروج من البلد والمعنى فيه أنهم إذا قدموا البلد أمكنهم معرفة السعر وطلب الحظ لأنفسهم فإن لم يفعلوا ذلك فهو من تقصيرهم وأما امكان معرفتهم ذلك قبل دخول البلد فنادر والمعروف عند المالكية اعتبار السوق مطلقا كما هو ظاهر الحديث وهو قول أحمد واسحق وعن الليث كراهة التلقي ولو في الطريق ولو على باب البيت حتى الخطبة السلعة السوق (قوله قال أبو عبد الله) هو المصنف (قوله هذا في أعلى السوق) أي حديث جويرية عن نافع بلفظ كنا نتلقى الركبان فنشتري منهم الطعام الحديث قال البخاري وبينه حديث عبيد الله بن عمر يعنى عن نافع أي حيث قال كانوا يتبايعون الطعام في أعلى السوق الحديث مثله وأراد البخاري بذلك الرد على من استدل به على جواز تلقى الركبان لاطلاق قول ابن عمر كنا نتلقى الركبان ولا دلالة فيه لان معناه انهم كانوا يتلقونهم في أعلى السوق كما في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع وقد صرح مالك في روايته عن نافع بقوله ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها السوق فدل على أن التلقي الذي لم ينه عنه انما هو ما بلغ السوق والحديث يفسر بعضه بعضا وادعى الطحاوي التعارض في هاتين الروايتين وجمع بينهما بوقوع الضرر لأصحاب السلع وعدمه قال فيحمل حديث النهى على ما إذا حصل الضرر
(٣١٤)