وسلم اقتصر في مخاطبتهم على التعليل المتعلق بهم لكونه أدعى لهم إلى الموافقة (قوله فيه ألا تحتسبون) كذا للأكثر وفى رواية ألا تحتسبوا وحذف نون الرفع في مثل هذا لغة مشهورة * (قوله باب) كذا في جميع النسخ بلا ترجمة وهو مشتمل على حديثين وأثر ولكل منهما تعلق بالترجمة التي قبله فحديث ما بين بيتي ومنبرى روضة من رياض الجنة فيه إشارة إلى الترغيب في سكنى المدينة وحديث عائشة في قصة وعك أبى بكر وبلال فيه دعاؤه صلى الله عليه وسلم للمدينة بقوله اللهم صححها وفى ذلك إشارة إلى الترغيب في سكناها أيضا وأثر عمر في دعائه بأن تكون وفاته بها ظاهر في ذلك وفى كل ذلك مناسبة لكراهته صلى الله عليه وسلم ان تعرى المدينة أي تصير خالية فأما الحديث الأول في المنبر فقوله ما بين بيتي ومنبرى كذا للأكثر ووقع في رواية ابن عساكر وحده قبري بدل بيتي وهو خطأ فقد تقدم هذا الحديث في كتاب الصلاة قبيل الجنائز بهذا الاسناد بلفظ بيتي وكذلك هو في مسند مسدد شيخ البخاري فيه نعم وقع حديث سعد بن أبي وقاص عند البزار بسند رجاله ثقات وعند الطبراني من حديث ابن عمر بلفظ القبر فعلى هذا المراد بالبيت في قوله بيتي أحد بيوته لا كلها وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره وقد ورد الحديث بلفظ ما بين المنبر وبيت عائشة روضة من رياض الجنة أخرجه الطبراني في الأوسط (قوله روضة من رياض الجنة) أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل في ملازمة حلق الذكر لا سيما في عهده صلى الله عليه وسلم فيكون تشبيها بغير أداة أو المعنى ان العبادة فيها تؤدى إلى الجنة فيكون مجازا أو هو على ظاهره وأن المراد انه روضة حقيقية بأن ينتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة هذا محصل ما أوله العلماء في هذا الحديث وهى على ترتيبها هذا في القوة وأما قوله ومنبرى على حوضي أي ينقل يوم القيامة فينصب على الحوض وقال الأكثر المراد منبره بعينه الذي قال هذه المقالة وهو فوقه وقيل المراد المنبر الذي يوضع له يوم القيامة والأول أظهر ويؤيده حديث أبي سعيد المتقدم وقد رواه الطبراني في الكبير من حديث أبي واقد الليثي رفعه ان قوائم منبري رواتب في الجنة وقيل معناه ان قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة يورد صاحبه إلى الحوض ويقتضي شربه منه والله أعلم ونقل ابن زبالة ان ذرع ما بين المنبر والبيت الذي فيه القبر الآن ثلاث وخمسون ذراعا وقيل أربع وخمسون وسدس وقيل خمسون الا ثلثي ذراع وهو الآن كذلك فكأنه نقص لما أدخل من الحجرة في الجدار واستدل به على أن المدينة أفضل من مكة لأنه أثبت ان الأرض التي بين البيت والمنبر من الجنة وقد قال في الحديث الآخر لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها وتعقبه ابن حزم بأن قوله إنها من الجنة مجازا ذلو كانت حقيقة لكانت كما وصف الله الجنة ان لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وانما المراد أن الصلاة فيها تؤدى إلى الجنة كما يقال في اليوم الطيب هذا من أيام الجنة وكما قال صلى الله عليه وسلم الجنة تحت ظلال السيوف قال ثم لو ثبت انه على الحقيقة لما كان الفضل الا لتلك البقعة خاصة فان قيل إن ما قرب منها أفضل مما بعد لزمهم أن يقولوا ان الجحفة أفضل من مكة ولا قائل به وأما حديث عائشة فقوله وعك بضم أوله أي أصابه الوعك وهو الحمى وقيل مغث الحمى وسيأتى شرح هذا الحديث مستوفى في كتاب المغازي أول الهجرة إن شاء الله تعالى (قوله قالت) يعنى عائشة والقائل عروة فهو متصل (قوله
(٨٥)