وكأنه أشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه فقد أخرجه مسلم عن أبي الربيع عن عباد الذي أخرجه البخاري من طريقه وفيه فسأله رجل فقال يدا بيد فقال هكذا سمعت وأخرجه مسلم من طريق يحيى بن أبي كثير عن يحيى بن أبي إسحاق فلم يسق لفظه فساقه أبو عوانة في مستخرجه فقال في آخره والفضة بالذهب كيف شئتم يدا بيد واشتراط القبض في الصرف متفق عليه وانما وقع الاختلاف في التفاضل بين الجنس الواحد واستدل به على بيع الربويات بعضها ببعض إذا كان يدا بيد وأصرح منه حديث عبادة بن الصامت عند مسلم بلفظ فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم * (قوله باب بيع المزابنة) بالزاي والموحدة والنون مفاعلة من الزبن بفتح الزاي وسكون الموحدة وهو الدفع الشديد ومنه سميت الحرب الزبون لشدة الدفع فيها وقيل للبيع المخصوص المزابنة لان كل واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقه أو لان أحدهما إذا وقف على ما فيه من الغبن أراد دفع البيع بفسخه وأراد الآخر دفعه عن هذه الإرادة بامضاء البيع (قوله وهى بيع التمر) بالمثناة والسكون (بالثمر) بالمثلثة وفتح الميم والمراد به الرطب خاصة وقوله بيع الزبيب بالكرم أي بالعنب وهذا أصل المزابنة وألحق الشافعي بذلك كل بيع مجهول بمجهول أو بمعلوم من جنس يجرى الربا في نقده قال وأما من قال أضمن لك صبرتك هذه بعشرين صاعا مثلا فما زاد فلي وما نقص فعلى فهو من القمار وليس من المزابنة (قلت) لكن تقدم في باب بيع الزبيب بالزبيب من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر والمزابنة أن يبيع التمر بكيل ان زاد فلي وان نقص فعلى فثبت أن من صور المزابنة أيضا هذه الصورة من القمار ولا يلزم من كونها قمارا أن لا تسمى مزابنة ومن صور المزابنة أيضا بيع الزرع بالحنطة كيلا وقد رواه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع بلفظ والمزابنة بيع تمر النخل بالتمر كيلا وبيع العنب بالزبيب كيلا وبيع الزرع بالحنطة كيلا وستأتى هذه الزيادة للمصنف من طريق الليث عن نافع بعد أبواب وقال مالك المزابنة كل شئ من الجزاف لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده إذا بيع بشئ مسمى من الكيل وغيره سواء كان من جنس يجرى الربا في نقده أم لا وسبب النهى عنه ما يدخله من القمار والغرر قال ابن عبد البر نظر مالك إلى معنى المزابنة لغة وهى المدافعة ويدخل فيها القمار والمخاطرة وفسر بعضهم المزابنة بأنها بيع التمر قبل بدو صلاحه وهو خطأ فالمغايرة بينهما ظاهرة من أول حديث في هذا الباب وقيل هي المزارعة على الجزء وقيل غير ذلك والذي تدل عليه الأحاديث في تفسيرها أولى (قوله قال أنس الخ) يأتي موصولا في باب بيع المخاضرة وفيه تفسير المحاقلة ثم أورد المصنف حديث ابن عمر من رواية ابنه سالم ومن رواية نافع كلاهما عنه ثم حديث أبي سعيد في ذلك وفى طريق نافع تفسير المزابنة وظاهره انها من المرفوع ومثله في حديث أبي سعيد في الباب وأخرجه مسلم من حديث جابر كذلك ويؤيد كونه مرفوعا رواية سالم وان لم يتعرض فيها لذكر المزابنة وعلى تقدير أن يكون التفسير من هؤلاء الصحابة فهم أعرف بتفسيره من غيرهم وقال ابن عبد البر لا مخالف لهم في أن مثل هذا مزابنة وانما اختلفوا هل يلتحق بذلك كل ما لا يجوز الا مثلا بمثل فلا يجوز فيه كيل بجزاف ولا جزاف بجزاف فالجمهور على الالحاق وقيل يختص ذلك بالنخل والكرم والله أعلم (قوله قال سالم) هو موصول بالاسناد المذكور وقد أفرد حديث زيد بن ثابت في آخر الباب من طريق نافع
(٣٢٠)