عبد الكريم صريحة في التخيير حيث قال أي ذلك فعلت أجزأ وكذا رواية أبى داود التي فيها ان شئت وان شئت ووافقتها رواية عبد الوارث عن ابن أبي نجيح أخرجها مسدد في مسنده ومن طريقه الطبراني لكن رواية عبد الله بن معقل الآتية بعد باب تقتضى أن التخيير انما هو بين الاطعام والصيام لمن لم يجد النسك ولفظه قال أتجد شاة قال لا قال فصم أو أطعم ولابى داود في رواية أخرى أمعك دم قال لا قال فان شئت فصم ونحوه للطبراني من طريق عطاء عن كعب ووافقهم أبو الزبير عن مجاهد عند الطبراني وزاد بعد قوله ما أجد هديا قال فأطعم قال ما أجد قال صم ولهذا قال أبو عوانة في صحيحه فيه دليل على أن من وجد نسكا لا يصوم يعنى ولا يطعم لكن لا أعرف من قال بذلك من العلماء الا ما رواه الطبري وغيره عن سعيد بن جبير قال النسك شاة فإن لم يجد قومت الشاة دراهم والدراهم طعاما فتصدق به أو صام لكل نصف صاع يوما أخرجه من طريق الأعمش عنه قال فذكرته لإبراهيم فقال سمعت علقمة مثله فحينئذ يحتاج إلى الجمع بين الروايتين وقد جمع بينهما بأوجه منها ما قال ابن عبد البر ان فيه الإشارة إلى ترجيح الترتيب لا لإيجابه ومنها ما قال النووي ليس المراد أن الصيام أو الاطعام لا يجزئ الا لفاقد الهدى بل المراد أنه استخبره هل معه هدى أو لا فإن كان واجده أعلمه أنه مخير بينه وبين الصيام والاطعام وان لم يجده أعلمه أنه مخير بينهما ومحصله أنه لا يلزم من سؤاله عن وجدان الذبح تعيينه لاحتمال أنه لو أعلمه أنه يجده لأخبره بالتخيير بينه وبين الاطعام والصوم ومنها ما قال غيرهما يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن له في حلق رأسه بسبب الأذى أفتاه بان يكفر بالذبح على سبيل الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم أو بوحي غير متلو فلما أعلمه أنه لا يجد نزلت الآية بالتخيير بين الذبح والاطعام والصيام فخيره حينئذ بين الصيام والاطعام لعلمه بأنه لا ذبح معه فصام لكونه لم يكن معه ما يطعمه ويوضح ذلك رواية مسلم في حديث عبد الله بن معقل المذكور حيث قال أتجد شاة قلت لا فنزلت هذه الآية ففدية من صيام أو صدقه أو نسك فقال صم ثلاثة أيام أو أطعم وفى رواية عطاء الخراساني قال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين قال وكان قد علم أنه ليس عندي ما أنسك به ونحوه في رواية محمد بن كعب القرظي عن كعب وسياق الآية يشعر بتقديم الصيام على غيره وليس ذلك لكونه أفضل في هذا المقام من غيره بل السر فيه أن الصحابة الذين خوطبوا شفاها بذلك كان أكثرهم يقدر على الصيام أكثر مما يقدر على الذبح والاطعام وعرف من رواية أبى الزبير أن كعبا افتدى بالصيام ووقع في رواية ابن إسحاق ما يشعر بأنه افتدى بالذبح لان لفظه صم أو أطعم أو انسك شاة قال فحلقت رأسي ونسكت وروى الطبراني من طريق ضعيفة عن عطاء عن كعب في آخر هذا الحديث فقلت يا رسول الله خر لي قال أطعم ستة مساكين وسيأتى البحث فيه في الباب الأخير وفيه بقية مباحث هذا الحديث إن شاء الله تعالى * (قوله باب قول الله عز وجل أو صدقة وهى اطعام ستة مساكين) يشير بها إلى أن الصدقة في الآية مبهمة فسرتها السنة وبهذا قال جمهور العلماء وروى سعيد بن منصور باسناد صحيح عن الحسن قال الصوم عشرة أيام والصدقة على عشرة مساكين وروى الطبري عن عكرمة ونافع نحوه قال ابن عبد البر لم يقل بذلك أحد من فقهاء الأمصار (قوله حدثنا سيف) هو ابن سليمان أو ابن أبي سليمان (قوله يتهافت) بالفاء أي يتساقط شيئا فشيئا (قوله فاحلق رأسك أو احلق) بحذف
(١٣)