قول البخاري وغيره فالذي يظهر لي أنه عنى به الشافعي لان قوله في آخره والحديبية خارج الحرم هو من كلام الشافعي في الأم وعنه أن بعضها في الحل وبعضها في الحرم لكن انما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحل استدلالا بقوله تعالى وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله قال ومحل الهدى عند أهل العلم الحرم وقد أخبر الله تعالى أنهم صدوهم عن ذلك قال فحيث ما أحصر ذبح وحل ولا قضاء عليه من قبل أن الله تعالى لم يذكر قضاء والذي أعقله في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت لأنا علمنا من متواطئ أحاديثهم أنه كان معه عام الحديبية رجال معروفون ثم اعتمر عمرة القضية فتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال ولو لزمهم القضاء لأمرهم بان لا يتخلفوا عنه وقال في موضع آخر انما سميت عمرة القضاء والقضية للمقاضاة التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش لا على أنهم وجب عليهم قضاء تلك العمرة انتهى وقد روى الواقدي في المغازي من طريق الزهري ومن طريق أبى معشر وغيرهما قالوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يعتمروا فلم يتخلف منهم الا من قتل بخيبر أو مات وخرج معه جماعة معتمرين ممن لم يشهد الحديبية وكانت عدتهم ألفين ويمكن الجمع بين هذا ان صح وبين الذي قبله بان الامر كان على طريق الاستحباب لان الشافعي جازم بان جماعة تخلفوا بغير عذر وقد روى الواقدي أيضا من حديث ابن عمر قال لم تكن هذه العمرة قضاء ولكن كان شرطا على قريش أن يعتمر المسلمون من قابل في الشهر الذي صدهم المشركون فيه (قوله ثم طاف لهما) أي للحج والعمرة وهذا يخالف قول الكوفيين انه يجب لهما طوافان (قوله ورأى أن ذلك مجزئ عنه) كذا لأبي ذر وغيره بالرفع على أنه خبر ان ووقع في رواية كريمة مجزيا فقيل هو على لغة من ينصب بان المبتدأ والخبر أو هي خبر كان المحذوفة والذي عندي أنه من خطا الكاتب فان أصحاب الموطأ اتفقوا على روايته بالرفع على الصواب * (قوله باب قول الله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وهو مخير فاما الصوم فثلاثة أيام) أي باب تفسير قوله تعالى كذا وقوله مخير من كلام المصنف استفاده من أو المكررة وقد أشار إلى ذلك في أول باب كفارات الأيمان فقال وقد خير النبي صلى الله عليه وسلم كعبا في الفدية ويذكر عن ابن عباس وعطاء وعكرمة ما كان في القرآن أو فصاحبه بالخيار وسيأتي ذكر من وصل هذه الآثار هناك وأقرب ما وقفت عليه من طرق حديث الباب إلى التصريح ما أخرجه أبو داود من طريق الشعبي عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ان شئت فانسك نسيكة وان شئت فصم ثلاثة أيام وان شئت فأطعم الحديث وفى رواية مالك في الموطأ عن عبد الكريم باسناده في آخر الحديث أي ذلك فعلت أجزأ وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى وقوله فاما الصوم في رواية الكشميهني الصيام والصيام المطلق في الآية مقيد بما ثبت في الحديث بالثلاث قال ابن التين وغيره جعل الشارع هنا صوم يوم معاد لا بصاع وفى الفطر من رمضان عدل مد وكذا في الظهار والجماع في رمضان وفى كفارة اليمين بثلاثة أمداد وثلث وفى ذلك أقوى دليل على أن القياس لا يدخل في الحدود والتقديرات وقسيم قوله فأما الصوم فمحذوف تقديره وأما الصدقة فهي اطعام ستة مساكين وقد أفرد ذلك بترجمة (قوله عن حميد بن قيس) في رواية أشهب عن مالك أن حميد بن قيس حدثه أخرجها الدارقطني في
(١٠)