باختياره بعد ذلك ويحتمل أن لا يتعين عليه اعلامه بذلك حتى يسأله للحديث الآتي دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه والله أعلم (قوله وهو خداع باطل لا يحل) هو من تفقه المصنف وليس من تتمة كلام ابن أبي أوفى وقد ذكرنا توجيه ما قاله المصنف قبل (قوله قال النبي صلى الله عليه وسلم الخديعة في النار ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) اما الحديث الثاني فسيأتي موصولا من حديث عائشة في كتاب الصلح وأما حديث الخديعة في النار فرويناه في الكامل لابن عدى من حديث قيس بن سعد بن عبادة قال لولا انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المكر والخديعة في النار لكنت من أمكر الناس واسناده لا باس به وأخرجه الطبراني في الصغير من حديث ابن مسعود والحاكم في المستدرك من حديث أنس وإسحاق بن راهويه في مسنده من حديث أبي هريرة وفى اسناد كل منهما مقال لكن مجموعهما يدل على أن للمتن أصلا وقد رواه ابن المبارك في البر والصلة عن عوف عن الحسن قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره (قوله عن النجش) تقدم ان المشهور أنه بفتح الجيم وحكى المطرزي فيه السكون * (قوله باب بيع الغرر) بفتح المعجمة وبراءين (و) بيع (حبل الحبلة) بفتح المهملة والموحدة وقيل في الأول بسكون الموحدة وغلطه عياض وهو مصدر حبلت تحبل حبلا والحبلة جمع حابل مثل ظلمة وظالم وكتبة وكاتب والهاء فيه للمبالغة وقيل للاشعار بالأنوثة وقد ندر فيه امرأة حابلة فالهاء فيه للتأنيث وقيل حبلة مصدر يسمى به المحبول قال أبو عبيد لا يقال لشئ من الحيوان حبلت الا الآدميات الا ما ورد في هذا الحديث وأثبته صاحب المحكم قولا فقال اختلف أهي للإناث عامة أم للآدميات خاصة وانشد في التعميم قول الشاعر * أو ذيخة حبلى مجح مقرب * وفى ذلك تعقب على نقل النووي اتفاق أهل اللغة على التخصيص ثم إن عطف بيع حبل الحبلة على بيع الغرر من عطف الخاص على العام ولم يذكر في الباب بيع الغرر صريحا وكانه أشار إلى ما أخرجه أحمد من طريق ابن إسحاق حدثني نافع وابن حبان من طريق سليمان التيمي عن نافع عن ابن عمر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر وقد أخرج مسلم النهى عن بيع الغرر من حديث أبي هريرة وابن ماجة من حديث ابن عباس والطبراني من حديث سهل بن سعد ولأحمد من حديث ابن مسعود رفعه لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر وشراء السمك في الماء نوع من أنواع الغرر ويلتحق به الطير في الهواء والمعدوم والمجهول والآبق ونحو ذلك قال النووي النهى عن بيع الغرر أصل من أصول البيع فيدخل تحته مسائل كثيرة جدا ويستثنى من بيع الغرر أمران أحدهما ما يدخل في المبيع تبعا فلو أفرد لم يصح بيعه والثاني ما يتسامح بمثله اما لحقارته أو للمشقة في تمييزه وتعيينه فمن الأول بيع أساس الدار والدابة التي في ضرعها اللبن والحامل ومن الثاني الجبة المحشوة والشرب من السقاء قال وما اختلف العلماء فيه مبنى على اختلافهم في كونه حقيرا أو يشق تمييزه أو تعيينه فيكون الغرر فيه كالمعدوم فيصح البيع وبالعكس وقال ومن بيوع الغرر ما اعتاده الناس من الاستجرار من الأسواق بالأوراق مثلا فإنه لا يصح لان الثمن ليس حاضرا فيكون من المعاطاة ولم توجد صيغة يصح بها العقد وروى الطبري عن ابن سيرين باسناد صحيح قال لا أعلم ببيع الغرر بأسا قال ابن بطال لعله لم يبلغه النهى
(٢٩٨)