الله أدومه وهو في آخر كتاب الايمان ومناسبة ذلك للحديث الإشارة إلى أن صيامه صلى الله عليه وسلم لا ينبغي ان يتأسى به فيه الا من أطاق ما كان يطيق وان من أجهد نفسه في شئ من العبادة خشى عليه ان يمل فيفضى إلى تركه والمداومة على العبادة وان قلت أولى من جهد النفس في كثرتها إذا انقطعت فالقليل الدائم أفضل من الكثير المنقطع غالبا وقد تقدم الكلام على مداومته صلى الله عليه وسلم على صلاة التطوع في بابها * (قوله باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم) أي التطوع (وافطاره) أي في خلل صيامه قال الزين بن المنير لم يضف المصنف الترجمة التي قبل هذه للنبي صلى الله عليه وسلم وأطلقها ليفهم الترغيب للأمة في الاقتداء به في اكثار الصوم في شعبان وقصد بهذه شرح حال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ثم ذكر البخاري في الباب حديثين * الأول حديث ابن عباس (قوله عن أبي بشر) هو جعفر بن أبي وحشية (قوله عن سعيد بن جبير) في رواية شعبة عن أبي بشر حدثني سعيد بن جبير أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عنه ولمسلم من طريق عثمان بن حكيم سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب فقال سمعت ابن عباس (قوله ما صام النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا قط غير رمضان) في رواية شعبة عند مسلم ما صام شهرا متتابعا وفى رواية أبى داود الطيالسي شهرا تاما منذ قدم المدينة غير رمضان (قوله ويصوم) في رواية مسلم من الطريق التي أخرجها البخاري وكان يصوم (قوله حتى يقول القائل لا والله لا يفطر) في رواية شعبة حتى يقولوا ما يريد ان يفطر * الحديث الثاني حديث أنس (قوله حدثني محمد بن جعفر) أي ابن أبي كثير المدني وحميد هو الطويل (قوله حتى نظن) بنون الجمع وبالتحتانية على البناء للمجهول ويجوز بالمثناه على المخاطبة ويؤيده قوله بعد ذلك الا رأيته فإنه روى بالضم والفتح معا (قوله أن لا يصوم) بفتح الهمزة ويجوز في يصوم النصب والرفع (قوله حدثني محمد) كذا للأكثر ولابى ذر هو ابن سلام (قوله وقال سليمان عن حميد أنه سأل أنسا في الصوم) كنت أظن أن سليمان هذا هو ابن بلال لكن لم أره بعد التتبع التام من حديثه فظهر لي انه سليمان بن حبان أبو خالد الأحمر وقد وصل المصنف حديثه عقب هذا وفيه سألت أنسا عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث أتم من طريق محمد بن جعفر لكن تقدم بعض هذا الحديث في الصلاة وقال فيه تابعه سليمان وأبو خالد الأحمر فهذا يدل على التعدد ويحتمل أن تكون الواو مزيدة كما تقدمت الإشارة إليه (قوله ما كنت أحب ان أراه من الشهر صائما الا رأيته) يعنى أن حاله في التطوع بالصيام والقيام كان يختلف فكان تارة يقوم من أول الليل وتارة في وسطه وتارة من آخره كما كان يصوم تارة من أول الشهر وتارة من وسطه وتارة من آخره فكان من أراد ان يراه في وقت من أوقات الليل قائما أو في وقت من أوقات الشهر صائما فراقبه المرة بعد المرة فلا بد أن يصادفه قام أو صام على وفق ما أراد أن يراه هذا معنى الخبر وليس المراد انه كان يسرد الصوم ولا انه كان يستوعب الليل قياما ولا يشكل على هذا قول عائشة في الباب قبله وكان إذا صلى صلاة داوم عليها وقوله في الرواية الأخرى الآتية بعد أبواب كان عمله ديمة لان المراد بذلك ما اتخذه راتبا لا مطلق النافلة فهذا وجه الجمع بين الحديثين والا فظاهرهما التعارض والله أعلم (قوله ولا مسست) بكسر المهملة الأولى على الأفصح وكذا شممت بكسر الميم الأولى وفتحها لغة حكاها الفراء ويقال في مضارعه أشمه وأمسه بالفتح فيهما على الأفصح وبالضم على
(١٨٨)