لا يجوز فتح الخاء واحتج غيره لذلك بان المصادر التي جاءت على فعول بفتح أوله قليلة ذكرها سيبويه وغيره وليس هذا منها واتفقوا على أن المراد به تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام (قوله فم الصائم) فيه رد على من قال لا تثبت الميم في الفم عند الإضافة الا في ضرورة الشعر لثبوته في هذا الحديث الصحيح وغيره (قوله أطيب عند الله من ريح المسك) اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من ريح المسك مع أنه سبحانه وتعالى منزه عن استطابة الروائح إذ ذاك من صفات الحيوان ومع أنه يعلم الشئ على ما هو عليه على أوجه قال المازري هو مجاز لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة منا فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله فالمعنى أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم والى ذلك أشار ابن عبد البر وقيل المراد أن ذلك في حق الملائكة وانهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر ما تستطيبون ريح المسك وقيل المعنى أن حكم الخلوف والمسك عند الله على ضد ما هو عندكم وهو قريب من الأول وقيل المراد ان الله تعالى يجزيه في الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك كما يأتي المكلوم وريح جرحه تفوح مسكا وقيل المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك لا سيما بالإضافة إلى الخلوف حكاهما عياض وقال الداودي وجماعة المعنى أن الخلوف أكثر ثوابا من المسك المندوب إليه في الجمع ومجالس الذكر ورجح النووي هذا الأخير وحاصله حمل معنى الطيب على القبول والرضا فحصلنا على ستة أوجه وقد نقل القاضي حسين في تعليقه أن للطاعات يوم القيامة ريحا تفوح قال فرائحة الصيام فيها بين العبادات كالمسك ويؤيد الثلاثة الأخيرة قوله في رواية مسلم وأحمد والنسائي من طريق عطاء عن أبي صالح أطيب عند الله يوم القيامة وأخرج أحمد هذه الزيادة من حديث بشير بن الخصاصية وقد ترجم ابن حبان بذلك في صحيحه ثم قال ذكر البيان بان ذلك قد يكون في الدنيا ثم أخرج الرواية التي فيها فم الصائم حين يخلف من الطعام وهى عنده وعند أحمد من طريق الأعمش عن أبي صالح ويمكن أن يحمل قوله حين يخلف على أنه ظرف لوجود الخلوف المشهود له بالطيب فيكون سببا للطيب في الحال الثاني فيوافق الرواية الأولى وهى قوله يوم القيامة لكن يؤيد ظاهره وان المراد به في الدنيا ما روى الحسن بن سفيان في مسنده والبيهقي في الشعب من حديث جابر في أثناء حديث مرفوع في فضل هذه الأمة في رمضان وأما الثانية فان خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك قال المنذري اسناده مقارب وهذه المسئلة إحدى المسائل التي تنازع فيها ابن عبد السلام وابن الصلاح فذهب ابن عبد السلام إلى أن ذلك في الآخرة كما في دم الشهيد واستدل بالرواية التي فيها يوم القيامة وذهب ابن الصلاح إلى أن ذلك في الدنيا واستدل بما تقدم وان جمهور العلماء ذهبوا إلى ذلك فقال الخطابي طيبه عند الله رضاه به وثناؤه عليه وقال ابن عبد البر أزكى عند الله وأقرب إليه وقال البغوي معناه الثناء على الصائم والرضا بفعله وبنحو ذلك قال القدوري من الحنفية والداودي وابن العربي من المالكية وأبو عثمان الصابوني وأبو بكر بن السمعاني وغيرهم من الشافعية جزموا كلهم بأنه عبارة عن الرضا والقبول وأما ذكر يوم القيامة في تلك الرواية فلانه يوم الجزاء وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلبا لرضا الله تعالى حيث يؤمر باجتنابها فقيده بيوم القيامة في رواية وأطلق
(٩٠)