السلعة التي تباع فيمن يزيد لا يحرم اتفاقا كما نقله ابن عبد البر فتعين أن السوم المحرم ما وقع فيه قدر زائد على ذلك وقد استثنى بعض الشافعية من تحريم البيع والسوم على الآخر ما إذا لم يكن المشترى مغبونا غبنا فاحشا وبه قال ابن حزم واحتج بحديث الدين النصيحة لكن لم تنحصر النصيحة في البيع والسوم فله ان يعرفه أن قيمتها كذا وانك ان بعتها بكذا مغبون من غير أن يزيد فيها فيجمع بذلك بين المصلحتين وذهب الجمهور إلى صحة البيع المذكور مع تأثيم فاعله وعند المالكية والحنابلة في فساده روايتان وبه جزم أهل الظاهر والله أعلم * (قوله باب بيع المزايدة) لما أن تقدم في الباب قبله النهى عن السوم أراد أن يبين موضع التحريم منه وقد أوضحته في الباب الذي قبله وورد في البيع فيمن يزيد حديث أنس انه صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا وقال من يشترى هذا الحلس والقدح فقال رجل أخذتهما بدرهم فقال من يزيد على درهم فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه أخرجه أحمد وأصحاب السنن مطولا ومختصرا واللفظ للترمذي وقال حسن وكأن المصنف أشار بالترجمة إلى تضعيف ما أخرجه البزار من حديث سفيان بن وهب سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع المزايدة فان في اسناده ابن لهيعة وهو ضعيف (قوله وقال عطاء أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد) وصله ابن أبي شيبة ونحوه عن عطاء ومجاهد وروى هو وسعيد بن منصور عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال لا باس ببيع من يزيد وكذلك كانت تباع الأخماس وقال الترمذي عقب حديث أنس المذكور والعمل على هذا عند بعض أهل العلم لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث قال ابن العربي لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث فان الباب واحد والمعنى مشترك اه وكأن الترمذي يقيد بما ورد في حديث ابن عمر الذي أخرجه ابن خزيمة وابن الجارود والدارقطني من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبيع أحدكم على بيع أحد حتى يذر الا الغنائم والمواريث اه وكأنه خرج على الغالب فيما يعتاد فيه البيع مزايدة وهى الغنائم والمواريث ويلتحق بهما غيرهما للاشتراك في الحكم وقد اخذ بظاهره الأوزاعي واسحق فخصا الجواز ببيع المغانم والمواريث وعن إبراهيم النخعي انه كره بيع من يزيد ثم أورد المصنف حديث جابر في بيع المدبر وفيه قوله صلى الله عليه وسلم من يشتريه منى فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا فدفعه إليه وسيأتى شرحه مستوفى في باب بيع المدبر في أواخر البيوع وقوله بكذا وكذا يأتي انه ثمانمائة درهم ويأتي أيضا تسمية الرجل المذكور إن شاء الله تعالى وقد اعترضه الإسماعيلي فقال ليس في قصة المدبر بيع المزايدة فان بيع المزايدة أن يعطى به واحد ثمنا ثم يعطى به غيره زيادة عليها اه وأجاب ابن بطال بان شاهد الترجمة منه قوله في الحديث من يشتريه منى قال فعرضه للزيادة ليستقضي فيه للمفلس الذي باعه عليه وسيأتي بيان كونه كان مفلسا في أواخر كتاب الاستقراض * (قوله باب النجش) بفتح النون وسكون الجيم بعدها معجمة وهو في اللغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد يقال نجشت الصيد أنجشه بالضم نجشا وفى الشرع الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها سمى بذلك لان الناجش يثير الرغبة في السلعة ويقع ذلك بمواطاة البائع فيشتركان في الاثم ويقع ذلك بغير علم البائع فيختص بذلك الناجش وقد يختص به البائع
(٢٩٦)