بها التجارة ثم ذكر البخاري حديث عائشة مرفوعا إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها الحديث وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في كتاب الزكاة ثم أورد حديث أبي هريرة في ذلك بلفظ إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فلها نصف أجره وفيه رد على من عينه فيما أذن لها في ذلك والأولى أن يحمل على ما إذا أنفقت من الذي يخصها به إذا تصدقت به بغير استئذانه فإنه يصدق كونه من كسبه فيؤجر عليه وكونه بغير أمره ويحتمل أن يكون أذن لها بطريق الاجمال لكن المنفى ما كان بطريق التفصيل ولا بد من الحمل على أحد هذين المعنيين والا فحيث كان من ماله بغير اذنه لا اجمالا ولا تفصيلا فهي مأزورة بذلك لا مأجورة وقد ورد فيه حديث عن ابن عمر عند الطيالسي وغيره وأما قوله في حديث أبي هريرة فلها نصف أجره فهو محمول على ما إذا لم يكن هناك من يعينها على تنفيذ الصدقة بخلاف حديث عائشة ففيه ان للخادم مثل ذلك أو المعنى بالنصف في حديث أبي هريرة ان أجره وأجرها إذا جمعا كان لها النصف من ذلك فللكل منهما أجر كامل وهما اثنان فكأنهما نصفان * (قوله باب من أحب البسط) أي التوسع) في الرزق وجواب من محذوف تقديره ما في الحديث وهو فليصل رحمه ويستفاد منه جواز هذه المحبة خلافا لمن كرهها مطلقا (قوله حدثنا محمد بن أبي يعقوب) اسم أبيه إسحاق بن منصور وقيل إن منصور اسم أبيه وقيل إن أبا يعقوب جده الكرماني بكسر الكاف وذكر الكرماني الشارح ان النووي ضبطها بفتح الكاف وتعقبه وسلف النووي في ذلك أبو سعيد بن السمعاني وهو أعلم الناس بذلك فلعل الصواب فيها في الأصل الفتح ثم كثر استعمالها بالكسر تغييرا من العامة وقد نزل محمد المذكور البصرة ووثقه ابن معين وغيره ولم يعرف أبو حاتم الرازي حاله وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في تفسير المائدة وآخر في أوائل الاحكام والثلاثة اسنادها واحد إلى الزهري وشيخه حسان هو ابن إبراهيم الكرماني ويونس هو ابن يزيد (قوله قال محمد هو الزهري) كذا في الأصل وفى رواية أبى نعيم من وجه آخر عن حسان عن يونس بن يزيد عن الزهري (قوله عن أنس) يأتي في الأدب من وجه آخر عن الزهري أخبرني أنس (قوله وينسأ) بضم أوله وسكون النون بعدها مهملة ثم همزة أي يؤخر له والأثر هنا بقية العمر قال زهير - والمرء ما عاش ممدود له أمل * لا ينتهى الطرف حتى ينتهى الأثر - وسيأتى الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى قال العلماء معنى البسط في الرزق البركة فيه وفى العمر حصول القوة في الجسد لان صلة أقاربه صدقة والصدقة تربى المال وتزيد فيه فينمو بها ويزكو لان رزق الانسان يكتب وهو في بطن أمه فلذلك احتيج إلى هذا التأويل أو المعنى انه يكتب مقيدا بشرط كأن يقال إن وصل رحمه فله كذا والا فكذا أو المعنى بقاء ذكره الجميل بعد الموت وأغرب الحكيم الترمذي فقال المراد بذلك قلة البقاء في البرزخ وقال ابن قتيبة يحتمل ان يكتب أجل العبد مائة سنة وتزكيته عشرين فان وصل رحمه زاد التزكية وقال غيره المكتوب عند الملك الموكل به غير المعلوم عند الله عز وجل فالأول يدخل فيه التغيير وتوجيهه ان المعاملات على الظواهر والمعلوم الباطن خفى لا يعلق عليه الحكم فذلك الظاهر الذي اطلع عليه الملك هو الذي يدخله الزيادة والنقص والمحو والاثبات والحكمة فيه ابلاغ ذلك إلى المكلف ليعلم فضل البر وشؤم القطيعة وسيأتى ذكر هذه المسئلة مبسوطة في كتاب القدر ويأتي الكلام على ايثار الغنى
(٢٥٦)