قدر نصف المدة التي من مبعث موسى إلى قيام الساعة فقولهم لا حاجة لنا إلى أجرك إشارة إلى أنهم كفروا وتولوا واستغنى الله عنهم وهذا من اطلاق القول وإرادة لازمه لان لازمه ترك العمل المعبر به عن ترك الايمان وقولهم وما عملنا باطل إشارة إلى احباط عملهم بكفرهم بعيسى إذا لا ينفعهم الايمان بموسى وحده بعد بعثة عيسى وكذلك القول في النصارى الا أن فيه إشارة إلى أن مدتهم كانت قدر نصف المدة فاقتصروا على نحو الربع من جميع النهار وقولهم ولكم الذي شرطت زاد في رواية الإسماعيلي الذي شرطت لهؤلاء من الاجر يعنى الذين قبلهم وقوله فإنما بقى من النهار شئ يسير أي بالنسبة لما مضى منه والمراد ما بقى من الدنيا وقوله واستكملوا أجر الفريقين أي بايمانهم بالأنبياء الثلاثة وتضمن الحديث الإشارة إلى قصر المدة التي بقيت من الدنيا وسيأتى الكلام عليه في قوله بعثت أنا والساعة كهاتين (قوله حتى إذا كان حين صلاة العصر) هو بنصب حين ويجوز فيه الرفع (قوله واستكملوا أجر الفريقين كليهما) كذا لأبي ذر وغيره وحكى ابن التين ان في روايته كلاهما بالرفع وخطاه وليس كما زعم بل له وجه (قوله فذلك مثلهم) أي المسلمين (ومثل ما قبلوا من هذا النور) في رواية الإسماعيلي فذلك مثل المسلمين الذين قبلوا هدى الله وما جاء به رسوله ومثل اليهود والنصارى تركوا ما أمرهم الله واستدل به على أن بقاء هذه الأمة يزيد على الألف لأنه يقتضى ان مدة اليهود نظير مدتي النصارى والمسلمين وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفى سنة ومدة النصارى من ذلك ستمائة وقيل أقل فتكون مدة المسلمين أكثر من ألف قطعا وتضمن الحديث ان أجر النصارى كان أكثر من أجر اليهود لان اليهود عملوا نصف النهار بقيراط والنصارى نحو ربع النهار بقيراط ولعل ذلك باعتبار ما حصل لمن آمن من النصارى بموسى وعيسى فحصل لهم تضعيف الاجر مرتين بخلاف اليهود فإنهم لما بعث عيسى كفروا به وفى الحديث تفضيل هذه الأمة وتوفير أجرها مع قلة عملها وفيه جواز استدامة صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس وفى قوله فإنما بقى من النهار شئ يسير إشارة إلى قصر مدة المسلمين بالنسبة إلى مدة غيرهم وفيه إشارة إلى أن العمل من الطوائف كان مساويا في المقدار وقد تقدم البحث في ذلك في المواقيت مشروحا * (قوله باب من استأجر أجيرا فترك أجره) في رواية الكشميهني فترك الأجير أجره (قوله فعمل فيه المستأجر) أي أتجر فيه أو زرع (فزاد) أي ربح (قوله ومن عمل في مال غيره فاستفضل) هو من عطف العام على الخاص لان العامل في مال غيره أعم من أن
(٣٦٩)