كان يصومه أحدكم قال العلماء معنى الحديث لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان قال الترمذي لما أخرجه العمل على هذا عند أهل العلم كرهوا ان يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان الله اه والحكمة فيه التقوى بالفطر لرمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط وهذا فيه نظر لان مقتضى الحديث انه لو تقدمه بصيام ثلاثة أيام أو أربعة جاز وسنذكر ما فيه قريبا وقيل الحكمة فيه خشية اختلاط النفل بالفرض وفيه نظر أيضا لأنه يجوز لمن له عادة كما في الحديث وقيل لان الحكم علق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم وهذا هو المعتمد ومعنى الاستثناء ان من كان له ورد فقد أذن له فيه لأنه اعتاده وألفه وترك المألوف شديد وليس ذلك من استقبال رمضان في شئ ويلتحق بذلك القضاء والنذر لوجوبهما قال بعض العلماء يستثنى القضاء والنذر بالأدلة القطعية على وجوب الوفاء بهما فلا يبطل القطعي بالظن وفى الحديث رد على من يرى بتقديم الصوم على الرؤية كالرافضة ورد على من قال بجواز صوم النفل المطلق وأبعد من قال المراد بالنهى التقدم بنية رمضان واستدل بلفظ التقدم لان التقدم على الشئ بالشئ انما يتحقق إذا كان من جنسه فعلى هذا يجوز الصيام بنية النفل المطلق لكن السياق يأبى هذا التأويل ويدفعه وفيه بيان لمعنى قوله في الحديث الماضي صوموا لرؤيته فان اللام فيه للتأقيت لا للتعليل قال ابن دقيق العيد ومع كونها محمولة على التأقيت فلا بد من ارتكاب مجاز لان وقت الرؤية وهو الليل لا يكون محل الصوم وتعقبه الفاكهي بان المراد بقوله صوموا انووا الصيام والليل كله ظرف للنية (قلت) فوقع في المجاز الذي فر منه لان الناوي ليس صائما حقيقة بدليل انه يجوز له الأكل والشرب بعد النية إلى أن يطلع الفجر وفيه منع انشاء الصوم قبل رمضان إذا كان لأجل الاحتياط فان زاد على ذلك فمفهومه الجواز وقيل يمتد المنع لما قبل ذلك وبه قطع كثير من الشافعية وأجابوا عن الحديث بان المراد منه التقديم بالصوم فحيث وجد منع وانما اقتصر على يوم أو يومين لأنه الغالب ممن يقصد ذلك وقالوا أمد المنع من أول السادس عشر من شعبان لحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا إذا انتصف شعبان فلا تصوموا أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره وقال الروياني من الشافعية يحرم التقدم بيوم أو يومين لحديث الباب ويكره التقدم من نصف شعبان للحديث الآخر وقال جمهور العلماء يجوز الصوم تطوعا بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه وقال أحمد وابن معين انه منكر وقد استدل البيهقي بحديث الباب على ضعفه فقال الرخصة في ذلك بما هو أصح من حديث العلاء وكذا صنع قبله الطحاوي واستظهر بحديث ثابت عن أنس مرفوعا أفضل الصيام بعد رمضان شعبان لكن اسناده ضعيف واستظهر أيضا بحديث عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل هل صمت من سرر شعبان شيئا قال لا قال فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين ثم جمع بين الحديثين بان حديث العلاء محمول على من يضعفه الصوم وحديث الباب مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان وهو جمع حسن والله أعلم * (قوله باب قول الله عز وجل أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ما كتب الله لكم) كذا في رواية أبي ذر وساق غيره الآية كلها والمراد بهذه الترجمة بيان ما كان الحال عليه قبل نزول هذه الآية ولما كانت هذه
(١١٠)