خالف في هذا وقيل تعجبت من نفسها إذ تحدث بمثل هذا مما يستحيى من ذكر النساء مثله للرجال ولكنها ألجأتها الضرورة في تبليغ العلم إلى ذكر ذلك وقد يكون الضحك خجلا لاخبارها عن نفسها بذلك أو تنبيها على انها صاحبة القصة ليكون أبلغ في الثقة بها أو سرورا بمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم وبمنزلتها منه ومحبته لها وقد روى ابن أبي شيبة عن شريك عن هشام في هذا الحديث فضحكت فظننا انها هي وروى النسائي من طريق طلحة بن عبد الله التيمي عن عائشة قالت أهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقبلني فقلت انى صائمة فقال وأنا صائم فقبلني وهذا يؤيد ما قدمناه ان النظر في ذلك لمن لا يتأثر بالمباشرة والتقبيل لا للتفرقة بين الشاب والشيخ لان عائشة كانت شابة نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فرق من فرق وقال المازري ينبغي ان يعتبر حال المقبل فان أثارت منه القبلة الانزال حرمت عليه لان الانزال يمنع منه الصائم فكذلك ما أدى إليه وإن كان عنها المذي فمن رأى القضاء منه قال يحرم في حقه ومن رأى أن لا قضاء قال يكره وان لم تؤد القبلة إلى شئ فلا معنى للمنع منها الا على القول بسد الذريعة قال ومن بديع ما روى في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للسائل عنها أرأيت لو تمضمضت فأشار إلى فقه بديع وذلك أن المضمضة لا تنقض الصوم وهى أول الشرب ومفتاحه كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع وكما ثبت عندهم ان أوائل الشرب لا يفسد الصيام فكذلك أوائل الجماع اه والحديث الذي أشار إليه أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عمر قال النسائي منكر وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد سبق الكلام على حديث أم سلمة في كتاب الحيض والغرض منه هنا قولها وكان يقبلها وهو صائم وقد ذكرنا شاهده من رواية عمر بن أبي سلمة في الباب الذي قبله وقال النووي القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح وقيل مكروهة وروى ابن وهب عن مالك اباحتها في النفل دون الفرض قال النووي ولا خلاف انها لا تبطل الصوم الا ان أنزل بها * (تنبيه) * روى أبو داود وحده من طريق مصدع بن يحيى عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها ويمص لسانها واسناده ضعيف ولو صح فهو محمول على من لم يبتلع ريقه الذي خالط ريقها والله أعلم * (قوله باب اغتسال الصائم) أي بيان جوازه قال الزين بن المنير أطلق الاغتسال ليشمل الأغسال المسنونة والواجبة والمباحة وكأنه يشير إلى ضعف ما روى عن علي من النهى عن دخول الصائم الحمام أخرجه عبد الرزاق وفى اسناده ضعف واعتمده الحنفية فكرهوا الاغتسال للصائم (قوله وبل ابن عمر ثوبا فالقى عليه وهو صائم) في رواية الكشميهني فألقاه وهذا وصله المصنف في التاريخ وابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي عثمان انه رأى ابن عمر يفعل ذلك ومناسبته للترجمة من جهة ان بلل الثوب إذا طالت اقامته على الجسد حتى جف ينزل ذلك منزلة الدلك بالماء وأراد البخاري باثر ابن عمر هذا معارضة ما جاء عن إبراهيم النخعي بأقوى منه فان وكيعا روى عن الحسن بن صالح عن مغيرة عنه أنه كان يكره للصائم بل الثياب (قوله ودخل الشعبي الحمام وهو صائم) وصله ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق قال رأيت الشعبي يدخل الحمام وهو صائم ومناسبته للترجمة ظاهرة (قوله وقال ابن عباس لا بأس ان يتطعم القدر) بكسر القاف أي طعام القدر أو الشئ وصله ابن
(١٣٢)