وابن عباس (قلت) ويحتمل ان يكون عبد الله بن حنين تصرف في السؤال لفطنته كأنه لما قال له سله هل يغتسل المحرم أو لا فجاء فوجده يغتسل فهم من ذلك أنه يغتسل فأحب أن لا يرجع الا بفائدة فسأله عن كيفية الغسل وكانه خص الرأس بالسؤال لأنها موضع الاشكال في هذه المسئلة لأنها محل الشعر الذي يخشى انتتافه بخلاف بقية البدن غالبا (قوله فطأطأه) أي ازاله عن رأسه وفى رواية ابن عيينة جمع ثيابه إلى صدره حتى نظرت إليه وفى رواية ابن جريج حتى رأيت رأسه ووجهه (قوله لانسان) لم أقف على اسمه ثم قال أي أبو أيوب هكذا رأيته أي النبي صلى الله عليه وسلم يفعل زاد ابن عيينة فرجعت إليهما فأخبرتهما فقال المسور لابن عباس لا أماريك أبدا أي لا أجادلك وأصل المراء استخراج ما عند الانسان يقال أمرا فلان فلانا إذا استخرج ما عنده قاله ابن الأنباري وأطلق ذلك في المجادلة لان كلا المتجادلين يستخرج ما عند الآخر من الحجة وفى هذا الحديث من الفوائد مناظرة الصحابة في الاحكام ورجوعهم إلى النصوص وقبولهم لخبر الواحد ولو كان تابعيا وان قول بعضهم ليس بحجة على بعض قال ابن عبد البر لو كان معنى الاقتداء في قوله صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم يراد به الفتوى لما احتاج ابن عباس إلى إقامة البينة على دعواه بل كان يقول للمسور أنا نجم وأنت نجم فبأينا اقتدى من بعدنا كفاه ولكن معناه كما قال المزنى وغيره من أهل النظر انه في النقل لان جميعهم عدول وفيه اعتراف للفاضل بفضله وانصاف الصحابة بعضهم بعضا وفيه استتار الغاسل عند الغسل والاستعانة في الطهارة وجواز الكلام والسلام حالة الطهارة وجواز غسل المحرم وتشريبه شعره بالماء ودلكه بيده إذا أمن تناثره واستدل به القرطبي على وجوب الدلك في الغسل قال لان الغسل لو كان يتم بدونه لكان المحرم أحق بأن يجوز له تركه ولا يخفى ما فيه واستدل به على أن تخليل شعر اللحية في الوضوء باق على استحبابه خلافا لمن قال يكره كالمتولى من الشافعية خشية انتتاف الشعر لان في الحديث ثم حرك رأسه بيده ولا فرق بين شعر الرأس واللحية الا أن يقال إن شعر الرأس أصلب والتحقيق انه خلاف الأولى في حق بعض دون بعض قاله السبكي الكبير والله أعلم * (قوله باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين) أي هل يشترط قطعهما أو لا وأورد فيه حديث ابن عمر في ذلك وحديث ابن عباس وقد تقدم الكلام عليه في باب ما لا يلبس المحرم من الثياب ووقع في رواية أبى زيد المروزي عن سالم بن عبد الله بن عمر سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجياني الصواب ما رواه ابن السكن وغيره فقالوا عن سالم عن ابن عمر قلت تصحفت عن فصارت ابن وقوله في حديث ابن عباس ومن لم يجد ازارا فليلبس السراويل للمحرم أي هذا الحكم للمحرم لا الحلال فلا يتوقف جواز لبسه السراويل على فقد الازار قال القرطبي أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد فأجاز لبس الخف والسراويل للمحرم الذي لا يجد النعلين والإزار على حالهما واشترط الجمهور قطع الخف وفتق السراويل فلو لبس شيئا منهما على حاله لزمته الفدية والدليل لهم قوله في حديث ابن عمر وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين فيحمل المطلق على المقيد ويلحق النظير بالنظير لاستوائهما في الحكم وقال ابن قدامة الأولى قطعهما عملا بالحديث الصحيح وخروجا من الخلاف انتهى والأصح عند الشافعية والأكثر جواز ليس السراويل بغير فتق كقول أحمد واشترط الفتق محمد بن الحسن وامام الحرمين وطائفة وعن أبي حنيفة منع
(٤٩)