ملؤ الرجل بضم اللام أي صار مليا وقال الكرماني الملي كالغنى لفظا ومعنى فاقتضى انه بغير همز وليس كذلك فقد قال الخطابي انه في الأصل بالهمز ومن رواه بتركها فقد سهله والامر في قوله فليتبع للاستحباب عند الجمهور ووهم من نقل فيه الاجماع وقيل هو أمر إباحة وارشاد وهو شاذ وحمله أكثر الحنابلة وأبو ثور وابن جرير وأهل الظاهر على ظاهره وعبارة الخرقي ومن أحيل بحقه على ملئ فواجب عليه أن يحتال * (تنبيه) * ادعى الرافعي أن الأشهر في الروايات وإذا أتبع وانهما جملتان لا تعلق لاحداهما بالأخرى وزعم بعض المتأخرين أنه لم يرد الا بالواو وغفل عما في صحيح البخاري فإنه بالفاء في جميع الروايات وهو كالتوطئة والعلة لقبول الحوالة أي إذا كان المطل ظلما فليقبل من يحتال بدينه عليه فان المؤمن من شأنه أن يحترز عن الظلم فلا يمطل نعم رواه مسلم بالواو وكذا البخاري في الباب الذي بعده لكن قال ومن أتبع ومناسبة الجملة للتي قبلها أنه لما دل على أن مطل الغنى ظلم عقبة بأنه ينبغي قبول الحوالة على الملئ لما في قبولها من دفع الظلم الحاصل بالمطل فإنه قد تكون مطالبة المحال عليه سهلة على المحتال دون المحيل ففي قبول الحوالة اعانة على كفه عن الظلم وفى الحديث الزجر عن المطل واختلف هل يعد فعله عمدا كبيرة أم لا فالجمهور على أن فاعله يفسق لكن هل يثبت فسقه بمطله مرة واحدة أم لا قال النووي مقتضى مذهبنا اشتراطا التكرار ورده السبكي في شرح المنهاج بان مقتضى مذهبنا عدمه واستدل بان منع الحق بعد طلبه وابتغاء العذر عن أدائه كالغصب والغصب كبيرة وتسميته ظلما يشعر بكونه كبيرة والكبيرة لا يشترط فيها التكرر نعم لا يحكم عليه بذلك الا بعد ان يظهر عدم عذره انتهى واختلفوا هل يفسق بالتأخير مع القدرة قبل الطلب أم لا فالذي يشعر به حديث الباب التوقف على الطلب لان المطل يشعر به ويدخل في المطل كل ما لزمه حق كالزوج لزوجته والسيد لعبده والحاكم لرعيته وبالعكس واستدل به على أن العاجز عن الأداء لا يدخل في الظلم وهو بطريق المفهوم لان تعليق الحكم بصفة من صفات الذات يدل على نفى الحكم عن الذات عن انتفاء تلك الصفة ومن لم يقل بالمفهوم أجاب بان العاجز لا يسمى ماطلا وعلى ان الغنى الذي ماله غائب عنه لا يدخل في الظلم وهل هو مخصوص من عموم الغنى أوليس هو في الحكم بغنى الاظهر الثاني لأنه في تلك الحالة يجوز اعطاؤه من سهم الفقراء من الزكاة فلو كان في الحكم غنيا لم يجز ذلك واستنبط منه أن المعسر لا يحبس ولا يطالب حتى يوسر قال الشافعي لو جازت مؤاخذته لكان ظالما والفرض أنه ليس بظالم لعجزه وقال بعض العلماء له ان يحبسه وقال آخرون له ان يلازمه واستدل به على أن الحوالة إذا صحت ثم تعذر القبض بحدوث حادث كموت أو فلس لم يكن للمحتال الرجوع على المحيل لأنه لو كان له الرجوع لم يكن لاشتراط الغنى فائدة فلما شرطت علم أنه انتقل انتقالا لا رجوع له كما لو عوضه عن دينه بعوض ثم أسيد العوض في يد صاحب الدين فليس له رجوع وقال الحنفية يرجع عند التعذر وشبهوه بالضمان واستدل به على ملازمة المماطل والزامه بدفع الدين والتوصل إليه بكل طريق وأخذه منه قهرا واستدل به على اعتبار رضى المحيل والمحتال دون المحال عليه لكونه لم يذكر في الحديث وبه قال الجمهور وعن الحنفية يشترط أيضا وبه قال الإصطخري من الشافعية وفيه الارشاد إلى ترك الأسباب القاطعة لاجتماع القلوب لأنه زجر عن المماطلة وهى تؤدى إلى ذلك * (قوله باب
(٣٨٢)