شبة باسناد صحيح عن عوف بن مالك قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ثم نظر إلينا فقال أما والله ليد عنها أهلها مذللة أربعين عاما للعوافي أتدرون ما العوافي الطير والسباع (قلت) وهذا لم يقع قطعا وقال المهلب في هذا الحديث ان المدينة تسكن إلى يوم القيامة وان خلت في بعض الأوقات لقصد الراعيين بغنمهما إلى المدينة (قوله وآخر من يحشر راعيان من مزينة) هذا يحتمل ان يكون حديثا آخر مستقلا لا تعلق له بالذي قبله ويحتمل أن يكون من تتمة الحديث الذي قبله وعلى هذين الاحتمالين يترتب الاختلاف الذي حكيته عن القرطبي والنووي والثاني أظهر كما قال النووي (قوله ينعقان) بكسر المهملة بعدها قاف النعيق زجر الغنم يقال نعق ينعق بكسر العين وفتحها نعيقا ونعاقا ونعقا ونعقانا إذا صاح بالغنم وأغرب الداودي فقال معناه يطلب الكلأ وكأنه فسره بالمقصود من الزجر لأنه يزجرها عن المرعى الوبيل إلى المرعى الوسيم (قوله فيجدانها وحوشا) أو يجدانها ذات وحش أو يجدان أهلها قد صاروا وحوشا وهذا على أن الرواية بفتح الواو أي يجدانها خالية وفى رواية مسلم فيجدانها وحشا أي خالية ليس بها أحد والوحش من الأرض الخلاء أو كثرة الوحش لما خلت من سكانها قال النووي الصحيح ان معناه يجدانها ذات وحوش قال وقد يكون وحشا بمعنى وحوش وأصل الوحش كل شئ توحش من الحيوان وجمعه وحوش وقد يعبر بواحده عن جمعه وحكى عن ابن المرابط ان معناه ان غنم الراعيين المذكورين تصير وحوشا اما بأن تنقلب ذاتها واما أن تتوحش وتنفر منها وعلى هذا فالضمير في يجدانها يعود على الغنم والظاهر خلافه قال النووي الصواب الأول وقال القرطبي القدرة صالحة لذلك انتهى ويؤيده أن في بقية الحديث أنهما يخران على وجوههما إذا وصلا إلى ثنية الوداع وذلك قبل دخولهما المدينة بلا شك فيدل على أنهما وجدا التوحش المذكور قبل دخول المدينة فيقوى ان الضمير يعود على غنمهما وكان ذلك من علامات قيام الساعة ويوضح هذا رواية عمر بن شبة في اخبار المدينة من طريق عطاء بن السائب عن رجل من أشجع عن أبي هريرة موقوفا قال آخر من يحشر رجلان رجل من مزينة وآخر من جهينة فيقولان أين الناس فيأتيان المدينة فلا يريان الا الثعالب فينزل إليهما ملكان؟؟؟ على وجوههما حتى يلحقاهما بالناس (قوله وآخر من يحشر) في رواية مسلم من طريق عقيل عن الزهري ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة لم يذكر في الحديث حشرهما وانما ذكر مقدمته لان الحشر انما يقع بعد الموت فذكر سبب موتهما والحشر يعقبه وقوله على هذا خرا على وجوههما أي سقطا ميتين أو المراد بقوله خرا على وجوههما أي سقطا بمن أسقطهما وهو الملك كما تقدم في رواية عمر بن شبة وفى رواية للعقيلي انهما كانا ينزلان بجبل ورقان وله من حديث حذيفة بن أسيد أنهما يفقدان الناس فيقولان ننطلق إلى بنى فلان فيأتيانهم فلا يجدان أحدا فيقولان ننطلق إلى المدينة فينطلقان فلا يجدان بها أحدا فينطلقان إلى البقيع فلا يريان الا السباع والثعالب وهذا يوضح أحد الاحتمالات المتقدمة وقد روى ابن حبان من طريق عروة عن أبي هريرة رفعه آخر قرية في الاسلام خرابا المدينة وهو يناسب كون آخر من يحشر يكون منها * (تنبيه) * أنكر ابن عمر على أبي هريرة تعبيره في هذا الحديث بقوله خير ما كانت وقال إن الصواب أعمر ما كانت أخرج ذلك عمر بن شبة في أخبار المدينة من طريق مساحق بن عمرو أنه
(٧٨)