أراد المبالغة في تأنيسهم كما وقع له في قصة الحمار الوحشي وغير ذلك (قوله وقال شعبة حدثنا أبو بشر سمعت أبا المتوكل) هذه الطريق بهذه الصيغة وصلها الترمذي وقد أخرجه المصنف في الطب من طريق شعبة لكن بالعنعنة وهذا هو السر في عزوه إلى الترمذي مع كونه في البخاري وغفل بعض الشراح عن ذلك فعاب على ما نسبه إلى الترمذي وفى الحديث جواز الرقية بكتاب الله ويلتحق به ما كان بالذكر والدعاء المأثور وكذا غير المأثور مما لا يخالف ما في المأثور وأما الرقي بما سوى ذلك فليس في الحديث ما يثبته ولا ما ينفيه وسيأتى حكم ذلك مبسوطا في كتاب الطب وفيه مشروعية الضيافة على أهل البوادي والنزول على مياه العرب وطلب ما عندهم على سبيل القرى أو الشراء وفيه مقابلة من امتنع من المكرمة بنظير صنيعه لما صنعه الصحابي من الامتناع من الرقية في مقابلة امتناع أولئك من ضيافتهم وهذه طريق موسى عليه السلام في قوله تعالى لو شئت لاتخذت عليه أجرا ولم يعتذر الخضر عن ذلك الا بأمر خارجي وفيه امضاء ما يلتزمه المرء على نفسه لان أبا سعيد التزم ان يرقى وأن يكون الجعل له ولأصحابه وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بذلك وفيه الاشتراك في الموهوب إذا كان أصله معلوما وجواز طلب الهدية ممن يعلم رغبته في ذلك وأجابته إليه وفيه جواز قبض الشئ الذي ظاهره الحل وترك التصرف فيه إذا عرضت فيه شبهة وفيه الاجتهاد عند فقد النص وعظمة القرآن في صدور الصحابة خصوصا الفاتحة وفيه ان الرزق المقسوم لا يستطيع من هو في يده منعه ممن قسم له لان أولئك منعوا الضيافة وكان الله قسم للصحابة في مالهم نصيبا فمنعوهم فسبب لهم لدغ العقرب حتى سيق لهم ما قسم لهم وفيه الحكمة البالغة حيث اختص بالعقاب من كان رأسا في المنع لان من عادة الناس الايتمار بأمر كبيرهم فلما كان رأسهم في المنع اختص بالعقوبة دونهم جزاء وفاقا وكان الحكمة فيه أيضا إرادة الإجابة إلى ما يلتمسه المطلوب منه الشفاء ولو كثر لان الملدوغ لو كان من آحاد الناس لعله لم يكن يقدر على القدر المطلوب منهم * (قوله باب ضريبة العبد وتعاهد ضرائب الإماء) الضريبة بفتح المعجمة فعلية بمعنى مفعولة ما يقدره السيد على عبده في كل يوم وضرائب جمعها ويقال لها خراج وغلة بالغين المعجمة وأجر وقد وقع جميع ذلك في الحديث ثم أورد المصنف فيه حديث أنس أن أبا طيبة حجم النبي صلى الله عليه وسلم وكلم مواليه فخففوا عنه من ضريبته ودلالته على الترجمة ظاهرة فان المراد بها بيان حكم ذلك وفى تقرير النبي صلى الله عليه وسلم له دلالة على الجواز وسأذكر كم كان قدر الضريبة بعد باب وأما ضرائب الإماء فيؤخذ منه بطريق الالحاق واختصاصها بالتعاهد لكونها مظنة تطرق الفساد في الأغلب والا فكما يخشى من اكتساب الأمة بفرجها يخشى من اكتساب العبد بالسرقة مثلا ولعله أشار بالترجمة إلى ما أخرجه هو في تاريخه من طريق أبى داود الأحمري قال خطبنا حذيفة حين قدم المدائن فقال تعاهدوا ضرائب إمائكم وهو عند أبي نعيم في الحلية بلفظ ضرائب غلمانكم واسم الأحمري هذا مالك وأورده سعيد بن منصور في السنن مطولا من طريق شداد بن الفرات قال حدثنا أبو داود شيخ من أهل المدائن قال كنت تحت منبر حذيفة وهو يخطب ولابى داود من حديث رافع بن خديج مرفوعا نهى عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو وقد تقدم ذكر ذلك في أواخر البيوع وقال ابن المنير في الحاشية كأنه أراد بالتعاهد التفقد لمقدار ضريبة الأمة
(٣٧٦)