في صحيحه والإسماعيلي من طريقه ولفظ حلال بين وحرام بين ومشتبهات بين ذلك فذكره وفى آخره ولكل ملك حمى وحمى الله في الأرض معاصيه وأما لفظ ابن عون فأخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما بلفظ ان الحلال بين وان الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات وأحيانا يقول مشتبهة وسأضرب لكم في ذلك مثلا ان الله حمى حمى وان حمى الله ما حرم وانه من يرع حول الحمى يوشك أن يخالطه وانه من يخالط الريبة يوشك ان يجسر وأبو فروة المذكور هو الأكبر واسمه عروة بن الحرث الهمداني الكوفي ولهم أبو فروة الأصغر الجهني واسمه مسلم بن سالم ما له في البخاري سوى حديث واحد في أحاديث الأنبياء (قوله قال النبي صلى الله عليه وسلم) في الرواية الأولى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وقد قدمت في الايمان الرد على من نفى سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم (قوله الحلال بين والحرام بين الخ) فيه تقسيم الاحكام إلى ثلاثة أشياء وهو صحيح لان الشئ اما أن ينص على طلبه من الوعيد على تكره أو ينص على تركه مع الوعيد على فعله أولا ينص على واحد منهما فالأول الحلال البين والثاني الحرام البين فمعنى قوله الحلال بين أي لا يحتاج إلى بيانه أو يشترك في معرفته كل أحد والثالث مشتبه لخفائه فلا يدرى هل هو حلال أو حرام وما كان هذا سبيله ينبغي اجتنابه لأنه إن كان في نفس الامر حراما فقد برئ من تبعتها وإن كان حلالا فقد أجر على تكرها بهذا القصد لان الأصل في الأشياء مختلف فيه حظرا وإباحة والأولان قد يردان جميعا فان علم المتأخر منهما والا فهو من حيز القسم الثالث وسأذكر ما فسرت به الشبهة بعد هذا الباب والمراد انها مشتبهة على بعض الناس بدليل قوله عليه السلام لا يعلمها كثير من الناس وقد تقدم الكلام على ذلك وعلى هذا الحديث مستوفى في باب فضل من استبرأ لدينه وعرضه من كتاب الايمان وقد توارد أكثر الأئمة المخرجين له على ايراده في كتاب البيوع لان الشبهة في المعاملات تقع فيها كثيرا وله تعلق أيضا بالنكاح وبالصيد والذبائح والأطعمة والأشربة وغير ذلك مما لا يخفى والله المستعان وفيه دليل على جواز الجرح والتعديل قاله البغوي في شرح السنة واستنبط منه بعضهم منع اطلاق الحلال والحرام على ما لا نص فيه لأنه من جملة ما لم يستبن لكن قوله صلى الله عليه وسلم لا يعلمها كثير من الناس يشعر بأن منهم من يعلمها وقوله في هذه الطريق استبان أي ظهر تحريمه وقوله أوشك أي قرب لان متعاطي الشبهات قد يصادف الحرام وان لم يتعمده أو يقع فيه لاعتياده التساهل * (قوله باب تفسير المشبهات) بتشديد الموحدة وللنسفي بضمتين مخففا بغير ميم ولابن عساكر بضم الميم وزيادة تاء لما تقدم في حديث النعمان بن بشير أن الشبهات لا يعلمها كثير من الناس واقتضى ذلك ان بعض الناس يعلمها أراد المصنف أن يعرف الطريق إلى معرفتها لتجتنب فذكر أولا ما يضبطها ثم أورد أحاديث يؤخذ منها مراتب ما يجب اجتنابه منها ثم ثنى بباب فيه بيان ما يستحب منها ثم ثلث بباب فيه بيان ما يكره وشرح ذلك أن الشئ اما أن يكون أصله التحريم أو الإباحة أو يشك فيه فالأول كالصيد فإنه يحرم أكله قبل ذكاته فإذا شك فيها لم يزل عن التحريم الا بيقين واليه الإشارة بحديث عدى بن حاتم والثاني كالطهارة إذا حصلت لا ترفع الا بيقين الحدث واليه الإشارة بحديث عبد الله بن زيد في الباب الثالث ومن أمثلته من له زوجة وعبد وشك هل طلق أو أعتق فلا عبرة بذلك وهما على ملكه والثالث ما لا يتحقق أصله ويتردد بين الحظر والإباحة فالأولى تركه
(٢٤٩)