اما لفظا واما حكما لجواز الفصل بالتنفس مثلا وقد اشتهر عن ابن عباس الجواز مطلقا ويمكن أن يحتج له بظاهر هذه القصة وأجابوا عن ذلك بان هذا الاستثناء في حكم المتصل لاحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد أن يقول الا الإذخر فشغله العباس بكلامه فوصل كلامه بكلام نفسه فقال الا الإذخر وقد قال ابن مالك يجوز الفضل مع اضمار الاستثناء متصلا بالمستثنى منه واختلفوا هل كان قوله صلى الله عليه وسلم الا الإذخر باجتهاد أو وحى وقيل كان الله فوض له الحكم في هذه المسئلة مطلقا وقيل أوحى إليه قبل ذلك أنه ان طلب أحد استثناء شئ من ذلك فأجب سؤاله وقال الطبري ساغ للعباس أن يستثنى الإذخر لأنه احتمل عنده أن يكون المراد بتحريم مكة تحريم القتال دون ما ذكر من تحريم الاختلاء فإنه من تحريم الرسول باجتهاده فساغ له أن يسأله استثناء الإذخر وهذا مبنى على أن الرسول كان له أن يجتهد في الاحكام وليس ما قاله بلازم بل في تقريره صلى الله عليه وسلم للعباس على ذلك دليل على جواز تخصيص العام وحكى ابن بطال عن المهلب ان الاستثناء هنا للضرورة كتحليل أكل الميتة عند الضرورة وقد بين العباس ذلك بأن الإذخر لا غنى لأهل مكة عنه وتعقبه ابن المنير بأن الذي يباح للضرورة يشترط حصولها فيه فلو كان الإذخر مثل الميتة لامتنع استعماله الا فيمن تحققت ضرورته إليه والاجماع على أنه مباح مطلقا بغير قيد الضرورة انتهى ويحتمل أن يكون مراد المهلب بأن أصل اباحته كانت للضرورة وسببها لا أنه يريد أنه مقيد بها قال ابن المنير والحق أن سؤال العباس كان على معنى الضراعة وترخيص النبي صلى الله عليه وسلم تبليغا عن الله اما بطريق الالهام أو بطريق الوحي ومن ادعى ان نزول الوحي يحتاج إلى أمد متسع فقد وهم وفى الحديث بيان خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر في الحديث وجواز مراجعة العالم في المصالح الشرعية والمبادرة إلى ذلك في المجامع والمشاهد وعظيم منزلة العباس عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بأمر مكة لكونه كان بها أصله ومنشؤه وفيه رفع وجوب الهجرة عن مكة إلى المدينة وابقاء حكمها من بلاد الكفر إلى يوم القيامة وأن الجهاد يشترط أن يقصد به الاخلاص ووجوب النفير مع الأئمة * (قوله باب الحجامة للمحرم) أي هل يمنع منها أو تباح له مطلقا أو للضرورة والمراد في ذلك كله المحجوم لا الحاجم (قوله وكوى ابن عمر ابنه وهو محرم) هذا الابن اسمه واقد وصل ذلك سعيد بن منصور من طريق مجاهد قال أصاب واقد بن عبد الله بن عمر برسام في الطريق وهو متوجه إلى مكة فكواه ابن عمر فأبان أن ذلك كان للضرورة (قوله ويتداوى ما لم يكن فيه طيب) هذا من تتمة الترجمة وليس في أثر ابن عمر كما ترى وأما قول الكرماني فاعل يتداوى اما المحرم واما ابن عمر فكلام من لم يقف على أثر ابن عمر وقد سبق في أوائل الحج في باب الطيب عند الاحرام قول ابن عباس ويتداوى بما يأكل وهو موافق لهذا والجامع بين هذا وبين الحجامة عموم التداري وروى الطبري من طريق الحسن قال إن أصاب المحرم شجة فلا بأس بأن يأخذ ما حولها من الشعر ثم يداويها بما ليس فيه طيب (قوله قال لنا عمرو أول شئ) أي أول مرة في رواية حميدي عن سفيان حدثنا عمرو وهو ابن دينار أخرجه أبو نعيم وأبو عوانة من طريقه (قوله ثم سمعته) هو مقول سفيان والضمير لعمرو وكذا قوله فقلت لعله سمعه وقد بين ذلك الحميدي عن سفيان فقال حدثنا بهذا الحديث عمرو مرتين فذكره لكن قال فلا أدرى أسمعه منهما أو كانت
(٤٣)