بيعها عند بعض العلماء من الشافعية وغيرهم والأكثر على المنع حملا للنهي على ظاهره والظاهر أن النهى عن بيعها للمبالغة في التنفير عنها ويلتحق بها في الحكم الصلبان التي تعظمها النصارى ويحرم نحت جميع ذلك وصنعته وأجمعوا على تحريم بيع الميتة والخمر والخنزير الا ما تقدمت الإشارة إليه في باب تحريم الخمر ولذلك رخص بعض العلماء في القليل من شعر الخنزير للخرز حكاه ابن المنذر عن الأوزاعي وأبى يوسف وبعض المالكية فعلى هذا فيجوز بيعه ويستثنى من الميتة عند بعض العلماء ما لا تحله الحياة كالشعر والصوف والوبر فإنه طاهر فيجوز بيعه وهو قول أكثر المالكية والحنفية وزاد بعضهم العظم والسن والقرن والظلف وقال بنجاسة الشعور الحسن والليث والأوزاعي ولكنها تطهر عندهم بالغسل وكأنها متنجسة عندهم بما يتعلق بها من رطوبات الميتة لا نجسة العين ونحوه قول ابن القاسم في عظم الفيل انه يطهر إذا سلق بالماء وقد تقدم كثير من مباحث هذا الحديث في باب لا يذاب شحم الميتة * (قوله باب ثمن الكلب) أورد فيه حديثين * أحدهما عن أبي مسعود انه صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغى وحلوان الكاهن * ثانيهما حديث أبي جحيفة نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة الحديث وقد تقدم في باب موكل الربا في أوائل البيع واشتمل هذان الحديثان على أربعة أحكام أو خمسة ان غايرنا بين كسب الأمة ومهر البغى * الأول ثمن الكلب وظاهر النهى تحريم بيعه وهو عام في كل كلب معلما كان أو غيره مما يجوز اقتناؤه أو لا يجوز ومن لازم ذلك ان لا قيمة على متلفه وبذلك قال الجمهور وقال مالك لا يجوز بيعه وتجب القيمة على متلفه وعنه كالجمهور وعنه كقول أبي حنيفة يجوز وتجب القيمة وقال عطاء والنخعي يجوز بيع كلب الصيد دون غيره وروى أبو داود من حديث ابن عباس مرفوعا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وقال إن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا واسناده صحيح وروى أيضا باسناد حسن عن أبي هريرة مرفوعا لا يحل ثمن الكلب ولا حلوان الكاهن ولا مهر البغى والعلة في تحريم بيعه عند الشافعي نجاسته مطلقا وهى قائمة في المعلم وغيره وعلة المنع عند من لا يرى نجاسته النهى عن اتخاذه والامر بقتله ولذلك خص منه ما أذن في اتخاذه ويدل عليه حديث جابر قال نهى رسول اله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب الا كلب صيد أخرجه النسائي باسناد رجاله ثقات الا انه طعن في صحته وقد وقع في حديث ابن عمر عند ابن أبي حاتم بلفظ نهى عن ثمن الكلب وإن كان ضاريا يعنى مما يصيد وسنده ضعيف قال أبو حاتم هو منكر وفى رواية لأحمد نهى عن ثمن الكلب وقال طعمة جاهلية ونحوه للطبراني من حديث ميمونة بنت سعد وقال القرطبي مشهور مذهب مالك جواز اتخاذ الكلب وكراهية بيعه ولا يفسخ ان وقع وكأنه لما لم يكن عنده نجسا وأذن في اتخاذه لمنافعه الجائزة كان حكمه حكم جميع المبيعات لكن الشرع نهى عن بيعه تنزيها لأنه ليس من مكارم الأخلاق قال وأما تسويته في النهى بينه وبين مهر البغى وحلوان الكاهن فمحمول على الكلب الذي لم يؤذن في اتخاذه وعلى تقدير العموم في كل كلب فالنهي في هذه الثلاثة في القدر المشترك من الكراهة أعم من التنزيه والتحريم إذ كل واحد منهما منهى عنه ثم تؤخذ خصوصية كل واحد منهما من دليل آخر فانا عرفنا تحريم مهر البغى وحلوان الكاهن من الاجماع لا من مجرد النهى ولا يلزم من الاشتراك في
(٣٥٣)