من كان يكره الظلم ويستقبحه إلى أن عقدوا الحلف وظهر الاسلام وهم على ذلك وسيأتى بيان ما وقع في الاسلام من ذلك في أوائل مناقب الأنصار وفى أوائل الهجرة (قوله قد حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال الطبري ما استدل به أنس على اثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم في نفيه فان الاخاء المذكور كان في أول الهجرة وكانوا يتوارثون به ثم نسخ من ذلك الميراث وبقى ما لم يبطله القرآن وهو التعاون على الحق والنصر والاخذ على يد الظالم كما قال ابن عباس الا النصر والنصيحة والرفادة ويوصى له وقد ذهب الميراث (قلت) وعرف بذلك وجه ايراد حديثي أنس مع حديث ابن عباس والله أعلم وقال الخطابي قال ابن عيينة حالف بينهم أي آخى بينهم يريد أن معي الحلف في الجاهلية معنى الاخوة في الاسلام لكنه في الاسلام جار على أحكام الدين وحدوده وحلف الجاهلية جرى على ما كانوا يتواضعونه بينهم بآرائهم فبطل منه ما خالف حكم الاسلام وبقى ما عدا ذلك على حاله واختلف الصحابة في الحد الفاصل بين الحلف الواقع في الجاهلية والاسلام فقال ابن عباس ما كان قبل نزول الآية المذكورة جاهلي وما بعدها اسلامي وعن علي ما كان قبل نزول لايلاف قريش جاهلي وعن عثمان كل حلف كان قبل الهجرة جاهلي وما بعدها اسلامي وعن عمر كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود وكل حلف بعدها منقوض أخرج كل ذلك عمر بن شبة عن أبي غسان محمد بن يحيى بأسانيده إليهم وأظن قول عمر أقواها ويمكن الجمع بان المذكورات في رواية غيره مما يدل على تأكد حلف الجاهلية والذي في حديث عمر ما يدل على نسخ ذلك * (قوله باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع وبه قال الحسن) يحتمل قوله فليس له ان يرجع أي عن الكفالة بل هي لازمة له وقد استقر الحق في ذمته ويحتمل ان يريد فليس له أن يرجع في التركة بالقدر الذي تكفل به والأول أليق بمقصوده ثم اورد فيه حديث سلمة بن الأكوع المتقدم قبل بابين وقد سبق القول فيه ووجه الاخذ منه انه لو كان لأبي قتادة ان يرجع لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على المديان حتى يوفى أبو قتادة الدين لاحتمال ان يرجع فيكون قد صلى على مديان دينه باق عليه فدل على أنه ليس له ان يرجع * (تنبيه) * اقتصر في هذه الطرق على ذكر اثنين من الأموات الثلاثة وقد تقدم في تلك الطريق تاما وقد ساقه الإسماعيلي هنا تاما وساق في قصته المحذوف انه عليه الصلاة والسلام قال ثلاث كيات وكأنه ذكر ذلك لكونه كان من أهل الصفة فلم يعجبه ان يدخر شيئا واستدل به على جواز ضمان ما على الميت من دين ولم يترك وفاء وهو قول الجمهور خلافا لأبي حنيفة وقد بالغ الطحاوي في نصره قول الجمهور ثم اورد فيه حديث جابر (قوله حدثنا عمرو) هو ابن دينار (قوله سمع محمد بن علي) أي ابن الحسين بن علي وقد سمع عمرو بن دينار بن جابر الكثير وربما أدخل بينه وبينه واسطة ولسفيان في هذا الحديث اسناد آخر سيأتي بيانه في فرض الخمس (قوله لو قد جاء مال البحرين) هو مال الجزية كما سيأتي بيانه في المغازي وكان عامل النبي صلى الله عليه وسلم على البحرين العلاء ابن الحضرمي كما سيأتي في باب انجاز الوعد من كتاب الشهادات في حديث جابر هذا (قوله قد أعطيتك هكذا وهكذا) في الطريق التي في الشهادات هكذا وهكذا وهكذا فبسط يديه ثلاث مرات وبهذا تظهر مناسبة قوله في آخر حديث الباب فعددتها فإذا هي خمسمائة فقال خذ مثليها وعرف بقوله فيه فحثى لي حثية تفسير قوله خذ هكذا كأنه أشار بيديه جميعا وسيأتى بسط
(٣٨٨)