لاحتمال أن تكون ثقيلة فتحتاج إلى التكسب بالفجور ودلالته من الحديث أمره عليه الصلاة والسلام بتخفيف ضريبة الحجام فلزوم ذلك في حق الأمة أقعد وأولى لأجل الغائلة الخاصة بها * (قوله باب خراج الحجام) أورد فيه حديث ابن عباس احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره وزاد من وجه آخر ولو علم كراهية لم يعطه وهو ظاهر في الجواز وتقدم في البيوع بلفظ ولو كان حراما لم يعطه وعرف به ان المراد بالكراهة هنا كراهة التحريم وكأن ابن عباس أشار بذلك إلى الرد على من قال إن كسب الحجام حرام واختلف العلماء بعد ذلك في هذه المسئلة فذهب الجمهور إلى أنه حلال واحتجوا بهذا الحديث وقالوا هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم فحملوا الزجر عنه على التنزيه ومنهم من ادعى النسخ وأنه كان حراما ثم أبيح وجنح إلى ذلك الطحاوي والنسخ لا يثبت بالاحتمال وذهب أحمد وجماعة إلى الفرق بين الحر والعبد فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة ويحرم عليه الانفاق على نفسه منها ويجوز له الانفاق على الرقيق والدواب منها وأباحوها للعبد مطلقا وعمدتهم حديث محيصة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام فنهاه فذكر له الحاجة فقال اعلفه نواضحك أخرجه مالك وأحمد وأصحاب السنن ورجاله ثقات وذكر ابن الجوزي ان أجر الحجام انما كره لأنه من الأشياء التي تجب للمسلم على المسلم اعانة له عند الاحتياج له فما كان ينبغي له أن يأخذ على ذلك أجرا وجمع ابن العربي بين قوله صلى الله عليه وسلم كسب الحجام خبيث وبين اعطائه الحجام أجرته بأن محل الجواز ما إذا كانت الأجرة على عمل معلوم ويحمل الزجر على ما إذا كان على عمل مجهول وفى الحديث إباحة الحجامة ويلتحق به ما يتداوى من اخراج الدم وغيره وسيأتى مزيد لذلك في كتاب الطب وفيه الأجرة على المعالجة بالطب والشفاعة إلى أصحاب الحقوق أن يخففوا منها وجواز مخارجة السيد لعبده كأن يقول له أذنت لك أن تكتسب على أن تعطيني كل يوم كذا وما زاد فهو لك وفيه استعمال العبد بغير اذن سيده الخاص إذا كان قد تضمن تمكينه من العمل اذنه العام (قوله عن عمرو بن عامر) هو الأنصاري وليست له رواية في البخاري الا عن أنس وقد تقدم له حديث في الطهارة وآخر في الصلاة وهذا وهو جميع ماله عنده (قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم) فيه اشعار بالمواظبة بخلاف الأول وقوله ولم يكن يظلم أحدا أجره فيه اثبات اعطائه أجرة الحجام بطريق الاستنباط بخلاف الرواية التي قبلها ففيها الجزم بذلك على طريق التنصيص * (قوله باب من كلم موالى العبد أن يخففوا عنه من خراجه) أي على سبيل التفضل منهم لا على سبيل الالزام لهم ويحتمل أن يكون على الالزام إذا كان لا يطيق ذلك (قوله عن حميد الطويل عن أنس) في رواية الإسماعيلي من هذا الوجه عن حميد سمعت أنسا (قوله دعا النبي صلى الله عليه وسلم غلاما) هو أبو طيبة كما تقدم قبل باب واسم أبى طيبة نافع على الصحيح فقد روى أحمد وابن السكن والطبراني من حديث محيصة بن مسعود أنه كان له غلام حجام يقال له نافع أبو طيبة فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن خراجه الحديث وحكى ابن عبد البر في اسم أبى طيبة أنه دينار ووهموه في ذلك لان دينارا الحجام تابعي روى عن أبي طيبة لا أنه اسم أبى طيبة أخرج حديثه ابن منده من طريق بسام الحجام عن دينار الحجام عن أبي طيبة الحجام قال حجمت النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وبذلك جزم أبو أحمد
(٣٧٧)