على هذا اللفظ ابن وهب وابن مهدى والشافعي وقتيبة (قلت) وقول البخاري زاد إسماعيل يريد الزيادة في المعنى لان في قوله حتى يقبضه زيادة في المعنى على قوله حتى يستوفيه لأنه قد يستوفيه بالكيل بان يكيله البائع ولا يقبضه للمشترى بل يحبسه عنده لينقده الثمن مثلا وعرف بهذا جواب من اعترضه من الشراح فقال ليس في هذه الرواية زيادة وجواب من حمل الزيادة على مجرد اللفظ فقال معناه زاد لفظا آخر وهو يقبضه وإن كان هو بمعنى يستوفيه ويعرف من ذلك أن اختيار البخاري أن استيفاء المبيع المنقول من البائع وتبقيته في منزل البائع لا يكون قبضا شرعيا حتى ينقله المشترى إلى مكان لا اختصاص للبائع به كما تقدم نقله عن الشافعي وهذا هو النكتة في تعقيب المصنف له بالترجمة الآتية * (قوله باب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله والأدب في ذلك) أي تعزير من يبيعه قبل أن يؤويه إلى رحله ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك وهو ظاهر فيما ترجم له وبه قال الجمهور لكنهم لم يخصوه بالجزاف ولا قيدوه بالإيواء إلى الرحال أما الأول فلما ثبت من النهى عن بيع الطعام قبل قبضه فدحل فيه المكيل وورد التنصيص على المكيل من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا أخرجه أبو داود وأما الثاني فلأن الايواء إلى الرحال خرج مخرج الغالب وفى بعض طرق مسلم عن ابن عمر كنا نبتاع الطعام فيبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتغاه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه وفرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه وبه قال الأوزاعي واسحق واحتج لهم بان الجزاف مرئي فتكفى فيه التخلية والاستيفاء انما يكون في مكيل أو موزون وقد روى أحمد من حديث ابن عمر مرفوعا من اشترى طعاما بكيل أو وزن فلا يبيعه حتى يقبضه ورواه أبو داود والنسائي بلفظ نهى أن يبيع أحدا طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه والدارقطني من حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجرى فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشترى ونحوه للبزار من حديث أبي هريرة باسناد حسن وفى ذلك دلالة على اشتراط القبض في المكيل بالكيل وفى الموزون بالوزن فمن اشترى شيا مكايلة أو موازنة فقبضه جزافا فقبضه فاسد وكذا لو اشترى مكايلة فقبضه موازنة وبالعكس ومن اشترى مكايلة وقبضه ثم باعه لغيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا وبذلك كله قال الجمهور وقال عطاء يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقا وقيل إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول وان باعه بنسيئة لم يجز بالأول والأحاديث المذكورة ترد عليه وفى الحديث مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة وإقامة الامام على الناس من يراعى أحوالهم في ذلك والله أعلم وقوله جزافا مثلثة الجيم والكسر أفصح وفى هذا الحديث جواز بيع الصبرة جزافا سواء علم البائع قدرها أم لم يعلم وعن مالك التفرقة فلو علم لم يصح وقال ابن قدامة يجوز بيع الصبرة جزافا لا نعلم فيه خلافا إذا جهل البائع والمشترى قدرها فان اشتراها جزافا ففي بيعها قبل نقلها روايتان عن أحمد ونقلها قبضها * (قوله باب إذا اشترى متاعا أو دابة فوضعها عند البائع أو مات قبل أن يقبض) أورد فيه حديث عائشة في قصة الهجرة وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر عن الناقة أخذتها بالثمن قال المهلب وجه الاستدلال به ان قوله أخذتها لم يكن أخذ باليد ولا بحيازة شخصها وانما
(٢٩٣)