مستوفى في أحاديث الأنبياء وموضع الترجمة منه قوله ويقتل الخنزير أي يأمر باعدامه مبالغة في تحريم أكله وفيه توبيخ عظيم للنصارى الذي يدعون انهم على طريقة عيسى ثم يستحلون أكل الخنزير ويبالغون في محبته * (قوله باب لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم) أي روى معناه وسيأتى شرح ذلك في باب بيع الميتة والأصنام (قوله بلغ عمر بن الخطاب أن فلانا باع خمرا) في رواية مسلم وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة بهذا الاسناد أن سمرة باع خمرا فقال قاتل الله سمرة زاد البيهقي من طريق الزعفراني عن سفيان عن سمرة بن جندب قال ابن الجوزي والقرطبي وغيرهما اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال أحدها أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية فباعها منهم معتقدا جواز ذلك وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجحه وقال كان ينبغي له أن يوليهم بيعها فلا يدخل في محظور وان أخذ أثمانها منهم بعد ذلك لأنه لم يتعاط محرما ويكون شبيها بقصة بريرة حيث قال هو عليها صدقة ولنا هدية والثاني قال الخطابي يجوز ان يكون باع العصير ممن يتخذه خمرا والعصير يسمى خمرا كما قد يسمى العنب به لأنه يئول إليه قاله الخطابي قال ولا يظن بسمرة انه باع عين الخمر بعد ان شاع تحريمها وانما باع العصير والثالث ان يكون خلل الخمر وباعها وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلها كما هو قول أكثر العلماء وأعتقد سمرة الجواز كما تأوله غيره انه يحل التخليل ولا ينحصر الحل في تخليلها بنفسها قال القرطبي تبعا لابن الجوزي والأشبه الأول (قلت) ولا يتعين على الوجه الأول أخذها عن الجزية بل يحتمل أن تكون حصلت له عن غنيمة أو غيرها وقد أبدى الإسماعيلي في المدخل فيه احتمالا آخر وهو ان سمرة علم تحريم الخمر الخمر ولم يعلم تحريم بيعها ولذلك اقتصر عمر على ذمه دون عقوبته وهذا هو الظن به ولم أر في شئ من الاخبار أن سمرة كان واليا لعمر على شئ من أعماله الا أن ابن الجوزي أطلق انه كان واليا على البصرة لعمر بن الخطاب وهو وهم فإنما ولى سمرة على البصرة لزياد وابنه عبيد الله بن زياد بعد عمر بدهر وولاة البصرة لعمر قد ضبطوا وليس منهم سمرة ويحتمل أن يكون بعض أمرائها استعمل سمرة على قبض الجزية (قوله حرمت عليهم الشحوم) أي أكلها والا فلو حرم عليهم بيعها لم يكن لهم حيلة فيما صنعوه من اذابتها (قوله فجملوها) بفتح الجيم والميم أي أذابوها يقال جملة إذا أذابه والجميل الشحم المذاب ووجه تشبيه عمر بيع المسلمين الخمر ببيع اليهود المذاب من الشحم الاشتراك في النهى عن تناول كل منهما لكن ليس كل ما حرم تناوله حرم بيعه كالحمر الأهلية وسباع الطير فالظاهر أن اشتراكهما في كون كل منهما صار بالنهى عن تناوله نجسا هكذا حكاه ابن بطال عن الطبري وأقره وليس بواضح بل كل ما حرم تناوله حرم بيعه وتناول الحمر والسباع وغيرهما مما حرم أكله انما يتأتى بعد ذبحه وهو بالذبح يصير ميتة لأنه لا ذكاة له وإذا صار ميتة صار نجسا ولم يجز بيعه فالايراد في الأصل غير وارد هذا قول الجمهور وان خالف في بعضه بعض الناس وأما قول بعضهم الابن إذا ورث جارية أبيه حرم عليه وطؤها وجاز له بيعها وأكل ثمنها فأجاب عياض عنه بأنه تمويه لأنه لم يحرم عليه الانتفاع بها مطلقا وانما حرم عليه الاستمتاع بها لأمر خارجي والانتفاع بها لغيره في الاستمتاع وغيره حلال إذا ملكها بخلاف الشحوم فان المقصود منها وهو الاكل كان محرما على اليهود في كل حال وعلى كل شخص فافترقا وفى الحديث لعن العاصي المعين
(٣٤٤)