مسنده أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن الزهري فقال لحم حمار وقد خالفه خالد الواسطي عن محمد بن عمرو فقال حمار وحش كالأكثر أخرجه الطبراني من طريق ابن إسحاق عن الزهري فقال رجل حمار وحش وابن اسحق حسن الحديث الا انه لا يحتج به إذا خولف ويدل على وهم من قال فيه عن الزهري ذلك ابن جريج قال قلت للزهري الحمار عقير قال لا أدرى أخرجه ابن خزيمة وابن عوانة في صحيحيهما وقد جاء عن ابن عباس من وجه آخر ان الذي أهداه الصعب لحم حمار فأخرجه مسلم من طريق الحاكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أهدى الصعب إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل حمار وفى رواية عنده عجز حمار وحش يقطر دما وأخرجه أيضا من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد قال تارة حمار وحش وتارة شق حمار ويقوى ذلك ما أخرجه مسلم أيضا من طريق طاوس عن ابن عباس قال قدم زيد بن أرقم فقال له عبد الله بن عباس يستذكره كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام قال أهدى له عضو من لحم صيد فرده وقال انا لا نأكله انا حرم وأخرجه أبو داود وابن حبان من طريق عطاء عن ابن عباس أنه قال يا زيد بن أرقم هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره واتفقت الروايات كلها على أنه رده عليه الا ما رواه ابن وهب والبيهقي من طريقه باسناد حسن من طريق عمرو بن أمية ان الصعب أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عجز حمار وحش وهو بالجحفة فاكل منه وأكل القوم قال البيهقي إن كان هذا محفوظا فلعله رد الحي وقبل اللحم قلت وفى هذا الجمع نظر لما بينته فإن كانت الطرق كلها محفوظة فلعله رده حيا لكونه صيد لأجله ورد اللحم تارة لذلك وقبله تارة أخرى حيث علم أنه لم يصد لأجله وقد قال الشافعي في الام إن كان الصعب أهدى له حمارا حيا فليس للمحرم ان يذبح حمار وحش حي وإن كان أهدى له لحما فقد يحتمل ان يكون علم أنه صيد له ونقل الترمذي عن الشافعي انه رده لظنه انه صيد من أجله فتركه على وجه التنزه ويحتمل ان يحمل القبول المذكور في حديث عمرو بن أمية على وقت آخر وهو حال رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة ويؤيده أنه جازم فيه بوقوع ذلك بالجحفة وفى غيرها من الروايات بالابواء أو بودان وقال القرطبي يحتمل ان يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحا ثم قطع منه عضوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقدمه له فمن قال أهدى حمارا أراد بتمامه مذبوحا لا حيا ومن قال لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى الله عليه وسلم قال ويحتمل ان يكون من قال حمارا أطلق وأراد بعضه مجازا قال ويحتمل انه أهداه له حيا فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه ظانا انه انما رده عليه لمعنى يختص بجملته فأعلمه بامتناعه ان حكم الجزء من الصديق حكم الكل قال والجمع مهما أمكن أولى من توهيم بعض الروايات وقال النووي ترجم البخاري بكون الحمار حيا وليس في سياق الحديث تصريح بذلك وكذا نقلوا هذا التأويل عن مالك وهو باطل لان الروايات التي ذكرها مسلم صريحة في أنه مذبوح انتهى وإذا تأملت ما تقدم لم يحسن اطلاقه بطلان التأويل المذكور ولا سيما في رواية الزهري التي هي عمدة هذا الباب وقد قال الشافعي في الام حديث مالك ان الصعب أهدى حمارا أثبت من حديث من روى أنه أهدى لحم حمار وقال الترمذي روى بعض أصحاب الزهري في حديث الصعب لحم حمار وحش وهو غير محفوظ (قوله بالابواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد جبل من عمل الفرع بضم الفاء والراء بعدها
(٢٧)