مهملة قيل سمى الأبواء لوبائه على القلب وقيل لان السيول تتبوؤه أي تحله (قوله أو بودان) شك من الراوي وهو بفتح الواو وتشديد الدال وآخرها نون موضع بقرب الجحفة وقد سبق في حديث عمرو بن أمية انه كان بالجحفة وودان أقرب إلى الجحفة من الأبواء فان من الأبواء إلى الجحفة للآتي من المدينة ثلاثة وعشرين ميلا ومن ودان إلى الجحفة ثمانية أميال وبالشك جزم أكثر الرواة وجزم ابن إسحاق وصالح بن كيسان عن الزهري بودان وجزم معمر وعبد الرحمن بن إسحاق ومحمد بن عمرو بالابواء والذي يظهر لي ان الشك فيه من ابن عباس لان الطبراني أخرج الحديث من طريق عطاء عنه على الشك أيضا (قوله فلما رأى ما في وجهه) في رواية شعيب فلما عرف في وجهي رده هديتي وفى رواية الليث عن الزهري عند الترمذي فلما رأى ما في وجهه من الكراهية وكذا لابن خزيمة من طريق ابن جريج المذكورة (قوله انا لم نرده) عليك في رواية شعيب وابن جريج ليس بنا رد عليك وفى رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند الطبراني انا لم نرده عليك كراهية له ولكنا حرم قال عياض ضبطناه في الروايات لم نرده بفتح الدال وأبى ذلك المحققون من أهل العربية وقالوا الصواب انه بضم الدال لان المضاعف من المجزوم يراعى فيه الواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها قال وليس الفتح بغلط بل ذكره ثعلب في الفصيح نعم تعقبوه عليه بأنه ضعيف وأوهم صنيعه انه فصيح وأجازوا أيضا الكسر وهو أضعف الأوجه (قلت) ووقع في رواية الكشميهني بفك الادغام لم نردده بضم الأولى وسكون الثانية ولا اشكال فيه (قوله الا انا حرم) زاد صالح بن كيسان عند النسائي لا نأكل الصيد وفى رواية سعيد عن ابن عباس لولا أنا محرمون لقبلناه منك واستدل بهذا الحديث على تحريم الاكل من لحم الصيد على المحرم مطلقا لأنه اقتصر في التعليل على كونه محرما فدل على أنه سبب الامتناع خاصة وهو قول على وابن عباس وابن عمر والليث والثوري وإسحاق لحديث الصعب هذا ولما أخرجه أبو داود وغيره من حديث على أنه قال لناس من أشجع أتعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى له رجل حمار وحش وهو محرم فأبى ان يأكله قالوا نعم لكن يعارض هذا الظاهر ما أخرجه مسلم أيضا من حديث طلحة انه أهدى له لحم طير وهو محرم فوقف من أكله وقال أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث أبي قتادة المذكور في الباب قبله وحديث عمير بن سلمة ان البهزي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم ظبيا وهو محرم فامر أبا بكر ان يقسمه بين الرفاق أخرجه مالك وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وغيره وبالجواز مطلقا قال الكوفيون وطائفة من السلف وجمع الجمهور بين ما اختلف من ذلك بان أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه ثم يهدى منه للمحرم وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم قالوا والسبب في الاقتصار على الاحرام عند الاعتذار للصعب ان الصيد لا يحرم على المرء إذا صيد له الا إذا كان محرما فبين الشرط الأصلي وسكت عما عداه فلم يدل على نفيه وقد بينه في الأحاديث الاخر ويؤيد هذا الجمع حديث جابر مرفوعا صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم أخرجه الترمذي والنسائي وابن خزيمة (قلت) وقد تقدم ان عند النسائي من رواية صالح بن كيسان انا حرم لا نأكل الصيد فبين العلتين جميعا وجاء عن مالك تفصيل آخر بين ما صيد للمحرم قبل احرامه يجوز له الاكل منه أو بعد احرامه فلا وعن عثمان التفصيل بين ما يصاد لأجله من المحرمين فيمتنع عليه ولا يمتنع على
(٢٨)