يتعرض لوجوب الجزاء في ذلك وهى مسئلة خلاف فاتفقوا كما تقدم على تحريم الإشارة إلى الصيد ليصطاد وعلى سائر وجوه الدلالات على المحرم لكن قيده أبو حنيفة بما إذا لم يمكن الاصطياد بدونها واختلفوا في وجوب الجزاء على المحرم إذا دل الحلال على الصيد بإشارة أو غيرها أو أعان عليه فقال الكوفيون واحمد واسحق يضمن المحرم ذلك وقال مالك والشافعي لا ضمان عليه كما لو دل الحلال حلالا على قتل صيد في الحرم قالوا ولا حجة في حديث الباب لان السؤال عن الإعانة والإشارة انما وقع ليبين لهم هل يحل لهم اكله أولا ولم يتعرض لذكر الجزاء واحتج الموفق بأنه قول على وابن عباس ولا نعلم لهما مخالفا من الصحابة وأجيب بأنه اختلف فيه على ابن عباس وفى ثبوته عن علي نظر ولان القاتل انفرد بقتله باختياره مع انفصال الدال عنه فصار كمن دل محرما أو صائما على امرأة فوطئها فإنه يأثم بالدلالة ولا يلزمه كفارة ولا يفطر بذلك (قوله حدثنا عثمان هو ابن موهب) بفتح الهاء وموهب جده وهو عثمان بن عبد الله التيمي مدني تابعي ثقة روى هنا عن تابعي أكبر منه قليلا (قوله خرج حاجا) قال الإسماعيلي هذا غلط فان القصة كانت في عمرة وأما الخروج إلى الحج فكان في خلق كثير وكان كلهم على الجادة لا على ساحل البحر ولعل الراوي أراد خرج محرما فعبر عن الاحرام بالحج غلطا (قلت) لا غلط في ذلك بل هو من المجاز السائغ وأيضا فالحج في الأصل قصد البيت فكانه قال خرج قاصدا للبيت ولهذا يقال للعمرة الحج الأصغر ثم وجدت الحديث من رواية محمد بن أبي بكر المقدمي عن أبي عوانة بلفظ خرج حاجا أو معتمرا أخرجه البيهقي فتبين ان الشك فيه من أبى عوانة وقد جزم يحيى بن أبي كثير بان ذلك كان في عمرة الحديبية وهذا هو المعتمد (قوله الا أبا قتادة) كذا الكشميهني ولغيره الا أبو قتادة بالرفع ووقع بالنصب عند مسلم وغيره من هذا الوجه قال ابن مالك في التوضيح حق المستثنى بالأمن كلام تام موجب ان ينصب مفردا كان أو مكملا معناه بما بعده فالمفرد نحو قوله تعالى الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين والمكمل نحو انا لمنجوهم أجمعين الا امرأته قدرنا انها لمن الغابرين ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع الا النصب وقد أغفلوا وروده مرفوعا بالابتداء مع ثبوت الخبر ومع حذفه فمن أمثلة الثابت الخبر قول أبى قتادة أحرموا كلهم الا أبو قتادة لم يحرم فالا بمعنى لكن وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره ونظيره من كتاب الله تعالى ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك انه مصيبها ما أصابهم فإنه لا يصح ان يجعل امرأتك بدلا من أحد لأنها لم تسر معهم فيتضمنها ضمير المخاطبين وتكلف بعضهم بأنه وان لم يسر بها لكنها شعرت بالعذاب فتبعتهم ثم التفتت فهلكت قال وهذا على تقدير صحته لا يوجب دخولها في المخاطبين ومن أمثلة المحذوف الخبر قوله صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافى الا المجاهرون أي لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون ومنه من كتاب الله تعالى قوله تعالى فشربوا منه الا قليل منهم أي لكن قليل منهم لم يشربوا قال وللكوفيين في هذا الثاني مذهب آخر وهو أن يجعلوا الا حرف عطف وما بعدها معطوف على ما قبلها اه وفى نسبة الكلام المذكور لابن أبي قتادة دون أبى قتادة نظر فان سياق الحديث ظاهر في أن قوله قول أبى قتادة حيث قال إن أباه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة إلى أن قال أحرموا كلهم الا أبو قتادة وقول أبى قتادة فيهم أبو قتادة من باب التجريد وكذا قوله
(٢٤)